للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بمبادئها، نقمة الاشتراكية وخصمها الألد. وتقدم موسوليني إلى الحكم وليست له خطة مرسومة كما قدمنا، إلا إذا كانت الرغبة الملحة في الإصلاح وإعادة مجد الوطن يصح أن تسمى خطة. فالفاشية بدأت تجريبية شعارها العمل، والعمل الإيجابي العنيف في سبيل الإصلاح الوطني. لذلك اشتهرت الفاشية بصبغتها العملية، وبإقدام رجالها، واقتحامهم أشد الأخطار هولاً، دون تردد ولا هوادة. فالقضية عندهم هي بعث الأمة الإيطالية من جديد. أما المبادئ والنظريات فقد كان موسوليني يسخر منها، ويرى أنها سلاح خطر، قد يرتد إلى صاحبه فيرديه. فالبلشفية قد بدأت إذن عملاً لا مبدأ، وحركة لا فكرة. ولم يكن لديه منهج مرسوم يريد تحقيقه. ويوم ارتقى موسوليني منصة الحكم لم يكن لديه إلا إرادة وعزيمة، فأكب على العمل بهذه الإرادة وهذه العزيمة، واضعاً نصب عينيه مجد الأمة الإيطالية وعظمتها

ثم أخذت الفاشية تمر بمراحل متعاقبة من التجارب العملية زهاء عشر سنوات. تهذبها الأحداث، وتنضجها الأيام. وتطورها مقتضيات الضرورة، حتى استنار طريقها ووضحت معالمه. وارتسمت الفاشية مبادئ ينتظمها مذهب معروف مقرر. وصارت نظاماً عالمياً له نظرياته وقواعده. وسرت مبادئها من بلد إلى بلد. ودخلت في دور علمي فلسفي، تقرر نظرية للدولة، ونظرية لعلاقة الفرد بالمجموع، ونظرية لأثر العوامل الاقتصادية في الحالة السياسية، ونظرية لعلاقة المسائل الروحية بالمسائل المادية، ونظرية للتربية والتعليم. ولكن الفاشية بقيت محتفظة بصبغتها العملية الأولى، فهي تبدأ بالوقائع تبحثها وتحللها، ثم تصوغها بعد ذلك نظريات سياسية واقتصادية، بخلاف البلشفية فأنها تبدأ ببسط النظريات، ثم تطبقها بعد ذلك على الوقائع

ولننظر إلى الفاشية كمبدأ علمي فلسفي، وكنظام عملي من نظم الحكم القائمة. فالفاشية بهذا الوصف لها مبادئ تقوم عليها، ووسائل للعمل، وطرق للتنظيم

مبادئها:

أما المبادئ التي تقوم عليها فتتلخص في عبارة واحدة هي (مجد الوطن وعظمته). فالفاشية حركة تقوم على القومية، وتعادي كل نزعة من شأنها أن تكسر حدة الوطنية. أما الجامعات الدولية كالبلشفية فتحاول أن تحقق اتحاد العمال في جميع أنحاء العالم، وكعصبة الأمم

<<  <  ج:
ص:  >  >>