للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الملك أحمد فؤاد الأول]

كمسلمٍ وعالمٍ

للأستاذ عبد الله مخلص

عضو المجمع العلمي العربي

لما نعى الناعي المغفور له الملك أحمد فؤاد الأول عاهل مصر العظيم ملك الحزن على مشاعري وأخذ اليأس من نفسي كل مأخذ، لا لأني من الذين تربطهم به أو بملكته رابطة شخصية فيريد أن يفي بعض حقهما عليه، ولا لأني أبتغي من وراء اصطناع الأسى أجراً أو شكوراً، بل لأني من أولئك المسلمين الذين يقدرون مصر الإسلامية حق قدرها ويعتبرونها اليوم أم البلاد وقبة الإسلام ومنبثق النور وبلد العلم في العالم العربي، وأن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مدينون لها ولمسجدها الأزهر منذ ألف عام فهم يستنيرون بنورهما ويستهدون بهديهما، ولذلك يرون لزاماً عليهم أن يعنوا بشؤون مصر ومصيرها وأن يشاركوها في سرائها وضرائها، ولأني بدافع من هذه الدوافع الكثيرة من الذين سمعوا وعرفوا من خلال الملك الراحل وخصاله الغر الميامين ما يستحق الإجلال والإكبار من الناحيتين الإسلامية والعلمية فلم أتمالك عن كَتْب هذه السطور التي هي نفثة مصدور فأقول:

الملك أحمد فؤاد كمسلم

منذ نصف قرون ونيف والإسلام تتجاذبه عوامل الأخذ والرد بسبب هذه الثقافة الجديدة التي يظن حملتها أن لا بأس من إدخال التطور في جميع مناحي الحياة حتى فيما يتعلق بالعقائد والأديان والعرف والعادة حتى رأينا من بعض الأمم الإسلامية بعض الشذوذ تحت ستار التمدين فصار الإلحاد مدنية ونبذ العقيدة رقياً، وأخذنا نسمع بما لم نألفه من نظريات علمية هدامة تنكر الله والرسل وسارت بعض الأمم شوطاً في هذا المضمار الشائك الذي سينتهي بها حتما إلى الهاوية وبئس المصير

في مثل هذا الحوائق اعتلى عرش مصر الملك المرحوم فلم تبطره بهرجة الملك، ولم تؤثر على عقيدته تلك النزعات والنزغات بل ظلّ على إسلامه الصحيح وعقله الرجيح

<<  <  ج:
ص:  >  >>