للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[للتاريخ السياسي:]

٢ - اليوم السابع من مارس ضربة مسرحية في برلين

للدكتور يوسف هيكل

في ٢٨ فبراير نشرت جريدة (باري ميدي) حديثاً لمراسلها في برلين مع الهر هتلر، مبيناً فيه أن زعيم ألمانيا يود إزالة كل خلاف بين الجارتين وتوليد علاقات الود والألفة بين أعظم شعبين في أوروبا. وفي اليوم التالي، أي يوم السبت الموافق ٢٩ فبراير، أرسلت حكومة باريس تعاليم إلى سفيرها في برلين، طالبة منه الإسراع في طلب مواجهة (المستشار الألماني) ورجائه في إبانة الطرق التي يعتقد أنها تزيل كل خلاف بين الشعبين الألماني والفرنسي، وإعلامه بأن حكومة باريس حريصة على إيجاد التفاهم بين الحكومتين

قام مسيو (فرنسوا بونسيه) بما عهد إليه. فقابله (المستشار هتلر) بحضور (فون نيرات) وزير الخارجية، وأجابه بأن الحكومة الألمانية باذلة جهدها في درس الموضوع بدقة، وقريباً تسلم إلى الحكومة الفرنسية اقتراحاتها. وقد طلب الهر هتلر بقاء هذه المحادثات سرية، تسهيلاً للوصول إلى الغاية، فقبلت حكومة باريس ما طلب، وظلت منتظرة خبراً من برلين، ولقد جاءها الخبر يوم السبت الموافق ٧ مارس، وعندها أذاعت هذه المحادثات

وفي مساء الجمعة الموافق ٦مارس أمر الهر هتلر باجتماع (الريشتاك) اجتماعاً فوق العادة؛ وفي الساعة ١٢ (في ألمانيا) من اليوم التالي وبحضور الوزراء وقف على منبر الخطابة وألقى خطاباً طويلاً ثم تلاه بقراءة المذكرة - التي سلمها فون نيرات إلى كل من سفراء بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا قبل إلقاء الهر هتلر خطابه بساعة، وقبل أن يترك منبر الخطابة أعلن أنه يحل (الريشتاك) ليتمكن الشعب الألماني من إبداء حكمه في أعماله وزملائه خلال السنوات الثلاثة الأخيرة؛ وقد قرأ الجنرال (كيرنك) أمر الحل، وتعيين موعد الانتخابات في ٢٩منه

وكان صوت زعيم ألمانيا قوياً وواضحاً، ولكن وجهه كان شاحباً، ودالاً على خطورة القرار الذي اتخذه، كما أن جوه الوزراء الصامتة والمفكرة، إذ ذاك، تفكيراً عميقاً وقلقاً، تظهر جلياً خطر الساعة وتخوفهم من العاقبة

وفحوى خطابه أن ألمانيا بلاد سلمية، تريد العيش بسلام مع جاراتها، غير أنها لا تقبل أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>