للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والتفاسير بدلاً من أن يطلق عليها في اللغات الأخرى اسم (القرآن)

أجل فلنقاوم الجهل والتعصب، ولننشر كتاب الله الكريم لا في الإنجليزية وحدها، بل في لغات الملايو والهندستانية والمغولية، وليكن نشر هذا الكتاب بنفس أسلحة القرن العشرين. فالفاصل الذي يفصلنا اليوم عن المعرفة الحديثة شاسع جداً إلى حد يجعل اعتمادنا على ما في أيدينا من تراث الأجيال، من الأسلحة العتيقة التي لا يمكننا بها مقاومة الموجات التي تجرفنا من عالم الغرب

ومن رأيي أن ترجمة معاني القرآن ستنتج عنها مسائل هامة. فبعض الناس عارضوا هذه الفكرة بحجة أنها ستكون سبباً في فصم عرى الوحدة العربية، وستحدث تقاطعاً بين الأخوان المسلمين في أنحاء العالم، ولكن بالعكس، فالترجمة ستكون سبباً في إشعال الحماس الديني عند ملايين ممن لا يفقهون كتاب الله الكريم، وستساعدهم هذه الترجمة على تفهم اللغة العربية وازدهار عصر التبشير الإسلامي

وإذا ما أتيح لنا أن نستقصي البواعث التي أدت إلى انحطاط بعض الطوائف الإسلامية وجب أن نسلم بأن سببها أن حكامهم كانوا يتكلمون لغة لا يفقهها العامة. وعلى الرغم من تعاليم الإسلام السامية ظلت هذه الطوائف ترسف في العبودية والجهالة والفقر، حتى نتج من ذلك وقوعها في الكثير من الأضاليل والبدع التي لا أصل ولا وجود لها في التعاليم المحمدية النقية. حتى أجبرت هذه الطوائف على الخنوع وألزمت أن تحني رؤوسها احتراماً أمام الجبروت الطاغي. هنالك وجدت سلوتها في الشعوذة الدينية، وأصبحت على عيون أهلها غشاوة تحجب عنها حقيقة الدين الحنيف. وانحط مستوى اللغة العربية إلى حد تفشت فيه الأمية وانتشرت العامية بين الأوساط الراقية. ومما أذكره والأسى يقطر من فؤادي، أنني لما زرت القاهرة لأول مرة كان الناس يدهشون إذ يرون رجلاً أجنبياً يتكلم العربية الفصحى، مع أنه أمر مألوف في الأوساط الألمانية والإنجليزية، ويندر أن تجد واحداً يتلفظ بكلمة واحدة دارجة

فليكن في ترجمة القرآن إذن، رفع لقدر اللغة العربية، وليكن رفعها إلى مستوى الكتاب، فالقرآن هو مصدر الثقافة الإسلامية وسبب انتشارها في الشرق والغرب، وهو السلاح الماضي الذي يحسم الداء

<<  <  ج:
ص:  >  >>