للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأعداء.

إلى أن يقول واصفاً مرابع عودة أبي تايه:

تلقى بيوتاً بنوابي نزيله ... تلفى حميل دللاهم عن نفيله

ألبن بالهيوان تسمع صهيله ... عزام لوجوه الماسيير زافات

تلقي شايباً عندهم مستعدِّ ... الحرّ إليّ بالملازم يسدّ

عنه بحوض الخيل يوماً يهد ... عن حرب أبو تايه إليّ لَه الفعل عاداتِ

(أي تلقى منازلهم مضروبة في أعلى الروابي دلالة على شجاعتهم، وعدم خشيتهم العدو؛ وفي مطارح النار تلقى حثالة البن دلالة الجود. وفي تلك الخيم تسمع صوت الهاون؛ إذ يدق فيه البن، فيكون بصوته ذاك داعياً للخير والضيافة؛ تجد شيخاً حراً مضيافاً، وفارساً مغواراً تتجنب الفوارس بطشه، وترتعد له الفرائص عند الحرب، هو عودة أبو تايه)

ومن الشعراء المداحين سالم المرعي وعلي القزيعي وغيرهم، وأنا أعرف من الشعراء الأحياء الذين يجيدون قرض الشعر البدوي في شتى الأحوال ومختلف الظروف: محمد بن هلال، وسعود المجالي في الكرك. وقد يكون غير هؤلاء في مضارب البدو في الشمال وفي الداخل، لكن دراسة هذا النوع من الشعر دراسة عميقة، وتدوين هذه الأشعار قبل أن تعبث بها أيدي البلى يحتاج إلى مشقة كبيرة من تنقل بين مضاربهم وتعرف إلى أماكنهم وأحوالهم، وطرق عيشهم

ولقد فاتني أن أذكر أن الشيخ رشيد زيد الذي مرّ ذكره مع طبقة الشعراء المجيدين في الفصحى، ليحسن نظم الشعر البدوي. وقد أتيح لي أن أسمع له قصائد رائعة، وعالية النفَس في هذا النوع من الشعر، يعارض في بعضها قصائد مشهورة كاليتيمة وغيرها

والخلاصة أن الحياة الأدبية في شرق الأردن ضئيلة ضعيفة إذا ما قورنت بغيرها من الأقطار العربية، على أن سريها في مضامير النشوء والتطور على هذا الشكل المدهش ليدعو إلى التفاؤل الشديد. وأنا لا أشك في أنه سيأتي يوم تصبح فيه شرق الأردن بفضل هذه العوامل المختلفة التي بسطناها، وبفضل غيرها، حية بأدبها، وغنية بأدبائها. ولا بد قبل الختام من الاعتراف بما لقصر رغدان من فضل كبير في تنشيط هذه الحياة الأدبية؛ فقد كان ولا يزال يحدب على الأدب، ويؤازر الأدباء، ويشرق على نفوس الشباب بالنور

<<  <  ج:
ص:  >  >>