للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[هنري روبير]

عضو الأكاديمية الفرنسية ونقيب المحامين

للأستاذ عبد الحليم الجندي المحامي

إلى المحاماة، في شخص المحامي الأول، والنقيب الأول،

إبراهيم الهلباوي بك

(بقية ما نشر في العدد الماضي)

ولكن ما الذي يقوله هنري روبير في تلك القضايا التي سلخ المحقق في تحقيقها عاماً كاملاً، أو التي اسودت فيها آلاف الصحف؟ للجواب على ذلك نقول إن هنري روبير كان يجيد عدم الكلام بقدر ما كان يجيد الكلام، فهو يعمد أولاً إلى المسالة التي تحكم القضية - إذا صح هذا التعبير في لغتنا العربية - فيظهرها على طريقته بقوة وبسرعة وإيجاز، ثم يسقط من كلامه اكثر ما في القضية من حواش تنأى به عن الجوهر؛ فهو يدرك كل الإدراك إن الخير للمحامي ليس عرض كل ما في الإضبارة، بل الفن الحقيقي هو ترك ما يجب أن يترك فيها؛ وقديماً علمنا أساتذتنا أن فن الحذف يساوي تماماً فن الكلام. . . ولذلك كنت تجده مسرعا، ممتعاً، مقنعاً؛ كل ذلك في وقت واحد

كان يقول إنه درس (لاشو) دراسة عميقة؛ لكنك لا تجد فيه مشابه من أستاذه؛ فمرافعات روبير كانت مرافعاتٍ موضوعية مجردة، لا تتخللها الجلجلة ولا الصوت الداوي، ولا الصور التاريخية، ولا العبارات البيانية الخلابة التي يتشابه فيها لاشو مع أستاذ ذلك العصر (فكتور هوجو). والحق أن تلاميذ لاشو لم يكن منهم نقيبنا الذي يتحدث عنه، بل أن لاشو قد خلف من بعده باربو نابغة الفن التقليدي في الدفاع، ولابوري، المهيب الذي يُرعب بقدر ما يستطيع الإقناع؛ أما هنري روبير فلم يكن يهمه رسم الصور، ولا طلاء اللفظ، ولا طلاوة الأسلوب، ولا تفخيم المعاني؛ فإذا جاءت صورة من الصور أو حكمة من الحكم في معرض الدفاع وجدتها منتزعة من صميم الواقع لا من آفاق الخيال، ووجدتها من لباب القضية لا مترددة بين الحواشي لتثير الإعجاب

رحمه الله! ألا فليقل لنا إن كان حقاً قد تتلمذ لأستاذ القرن الماضي - بعد برييه - هل هو

<<  <  ج:
ص:  >  >>