للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العمر والأماني]

بقلم الشاعر عثمان حلمي

مُنىً تناثرنَ حولَ النفسِ ذابلةً ... كما تناثرَ حولَ الدوحةِ الورق

تأبى التجاريبُ إلا أن تودِّعها ... بين الطِّماح وبين اليأس تصطفق

والعمرُ يجري كما يجري السحاب فما ... يعودُ ما جدّ منه وهو يستبق

وإن أعيدَ فلا حمدٌ لعودته ... هي الليالي غضابٌ أو بها خرَق

وكالأعاصير في قلبي مضاضتها ... أو كالجحيم وفيها القلبُ يحترق!

نظرتُ للسالف الماضي فوا جزعاً ... إذا تلاقت به في المقبل الطرُق

ونظرتي لحياتي وهي مقبلةٌ ... اليوم غيَّرها سارٍ بها نَزِق

تبدَّلت نظراتي في الحياة كما ... تبدَّل اللونُ لما طاشت الحدق

مالي وللمنى ما جدَّ بي زمنٌ ... إلا وطاحَ بنفسي عاصفٌ حَنِق

لونُ الحياةِ كلونِ النفس تبصره ... ما طويت فلا مينٌ ولا ملق

في غاية النفس والدنيا وسرّهما ... تحيَّر الخلق في سّرٍ له خُلقوا

غادٍ على الأرض فيها رائح جَزِعٌ ... ذو الصبر يطوي ويطوى الجازع الحمق

وكلُّنا في الليالي صاعدٌ جبلا ... تَزَلُّ أقدامُنا عنه وتنزلق

متى بَصُرْتَ بآلام الحياة ضحًى ... أيقنتَ أيَّ رجاءٍ ضمَّه الغسق

والحبُّ والبغض إن جدَّا زوالهما ... حقٌ وأيُّ جميعٍ ليس يفترق!

وادمعٌ ليَ حيرى في محاجرها ... ولي فؤادٌ ولكن بالأسى خَفِقَ

فكنتُ أحسبُ أحلامي محققةً ... ولا محالة حتى لاح لي الشفق

آمنتُ أنّ وجودي كلُّهُ خُدَع ... وأنّ نفسي تحكي كلِّ من سبقوا

(الإسكندرية)

عثمان حلمي

<<  <  ج:
ص:  >  >>