للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأنا أسألك بإخلاص أي شيء أوفق من أن أمد يدي إليك لأشد أزرك؟ وهل يليق بي أن أقعد ساكتا وأنا أراك تخلط وترسم لنا صورة رجل وامرأة لا يمكن أن يمشي مثلهما في الدنيا؟؟ كلاّ - على التحقيق. . . (والتفت إلى الموجودين وسألهم) أهذا ينتظر مني؟؟.)

ولأول مرة في هذه الجلسة سررت إذ سمعتهم جميعاً يقولون بلسان واحد (نعم)

ولكنه لم يعبأ بهم ومضى يقول: (هاأنذا. . أجيء في اللحظة الحافلة بالاحتمالات متنكراً في زي رجل هرم وفي قدمي حذاءان قد يليقان بأبينا آدم - فقد زعموا أن طوله والعياذ بالله أربعون متراً - وبفم ليس لحلقه سقف. . حسن. . ولا يراني أحد. . ولا تفطن إلى وجودي الفتاة ذات الثوب الأرجواني، على الرغم من حذائي المهولين. . . فأخرج منهما، وأتسلق أنابيب المجاري حتى أبلغ الشرفة التي تتخذها ذات الثوب الأرجواني، غرفة جلوس، وحجرة استقبال وبستاناً للنزهة، وملعبا للتنس ومرصدا للأفلاك!! فأفاجئها وهي قاعدة تفكر في حبيبها المخرف الذي لا يستطيع حتى أن يحرك إصبعاً يشير به إليها وأقول لها بخ بخ. . فتفزع وتصيح ياي. . ياي. .)

فلما سكنت الضجة قلت: (إني أكتب قصة ولست أصف ملعب مهرجين أو سرك حيوانات)

قال: (ما أحسن هذا الأدب!! أنت لا تستطيع أن تفهم المواقف الروائية ولهذا. . .)

فصاحت إحدى الفتيات الموجودات. . (هس. . أظن أن هذه هي ذات الثوب الأرجواني. . الحق إنها جميلة. . ويجب أن نعترف أنه معذور)

فعاد اللعين يقول: (آه. . لا شك. . لا شك. . جميلة جداً. . ولكن انظروا ماذا صنع بها؟؟ لقد صارت في يده. . أعني في وصفه لها. . ثوبا أرجوانيا لا فتاةً من لحم ودم. . ولو أنه استمع لي. .)

وهنا ضاق صدري ونفذ صبري ولم تبق لي طاقة على احتمال هذه السخرية فتناولت الورقات التي كانت مكتوبة وكنت أقرأها لهم ومزقتها كل ممزق

وليس هذا سوى مثل لبعض ما ألقى في سبيل ذات الثوب الأرجواني، وهي لا تعبأ ولا تبالي!! والحق أقول إني لم أعد أفهم شيئاً من أمرها. فأما أنها معنية بي فهذا ما لا يخالجني شك فيه. ولقد حرصت مرات على أن أتبين هل في العمارة التي أسكن إحدى شقاتها من يغازلها أو يناجيها أو يصنع ما يصنع المعجب أو العاشق أو المفتون، فلم أجد أحداً وكثيراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>