للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الجمهوري الديمقراطي (حزب اليمين) من جهة ثانية.

والعاملان الإيجابيان اللذان أديا إلى هذه النتيجة هما؛ المعاهدة الروسية الفرنسية، وحزب الصليب الناري

غيرت حكومات الاتحاد القومي الثلاث الأخيرة مجرى السياسة الخارجية الفرنسية. فبعد أن كانت فرنسا تعتمد في المحافظة على سلامتها على عصبة الأمم ومبدأ (السلام المشترك): أخذ (المعتدلون) يبنون سلامة بلادهم على التحالف؛ أي سياسة ما قبل الحرب. فتقربوا من إيطاليا وعقدوا معها اتفاق روما عام ١٩٣٤، وأخذوا يتفاهمون مع الروسيا فوصلوا إلى المعاهدة الروسية الفرنسية عام ١٩٣٥. فهذه المعاهدات أظهرت للرأي العام الفرنسي أن فرنسا في حاجة إلى الروسيا لتدفع عنها الخطر النازي. . . ثم إن الروسيا، في السنين الأخيرة، غيرت مجرى سياستها الخارجية. فبعد أن كانت ثورية هدامة، أصبحت محافظة!. وذلك لأنها شعرت بحاجتها إلى مساعدة الدول الديمقراطية لترد عنها خطر الحكومة الألمانية التي تضمر لها شراً كبيراً وخطر اليابان. . . فوقفت في جنيف موقف المدافع عن السلام والذائد عن مبدأ (السلام المشترك)؛ وكان ممثلها في جنيف وفي لندن السياسي الوحيد الذي هاجم ألمانيا مهاجمة شديدة وتكلم عن خطر سياستها الخارجية بصراحة. ثم أن الشيوعيين الفرنسيين خففوا من حدة ثورتهم فأخذوا يتكلمون عن القومية ووجوب الدفاع عن الوطن. . . كل هذا أبان للرأي العام الفرنسي أن لا خطر من الشيوعية وأن كل ما قيل عنها مبالغ فيه. . . فكان فوز الشيوعيين فوزاً باهراً لم يتوقعه أحد.

وفي أواخر الثلث الأول من حياة المجلس التشريعي السابق قامت في فرنسا حركة (فاشستية) على رأسها الكولونيل (دي لاروك). فأسس هذا حزباً دعاه (الصليب الناري)، وحركته تماثل حركة (الفاشست) في إيطاليا (والنازي) في ألمانيا. . . وفي الأيام الأخيرة تقوى هذا الحزب، ويدعي الآن أن عدد أعضائه من القادرين على حمل السلاح بلغ ثمانمائة ألف. غير أن هذا الحزب الجديد لم يرشح أعضاء إلى مجلس النواب، بل إنه سند أحد أحزاب اليمين أثناء الانتخابات، فكان فوز (الاتحاد الجمهوري الديمقراطي).

(يتبع)

يوسف هيكل

<<  <  ج:
ص:  >  >>