للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يحملها إلى المقام الذي بلغته بين أبناء أوربا وأمريكا، لو قدر له أن يضع على عاتقه هذا الواجب الخطير.

وكان هيكل فيما أنتج - وأول نتاجه قصة زينب - فرنسياً مخلصاً؛ فهو يؤثر الصناعة والحبكة القصصية، ويحب أن يضرب على أوتار تحس، وأن يعالج بمجهوده موضوعاً، غير متقيد بمذهب الفن للفن، بل ذاهباً مذهب استغلال الفن للمصلحة. ولقد أسبغ على فرنسية فنه روحاً عربية جميلة، بما وفق إليه من براعة في الوصف، وقدرة على التصوير الفاتن.

ولا شك أن هيكل فنان بطبعه؛ وقد كان خليقاً بأن يكون من عداد القصصيين الممتازين لو عني بفنه عنايته بأدبه وعلمه، ولو تابع استغلال روحه الفنية التي فطر عليها.

وكان تيمور - ولا يزال - مثالاً للقصصي المصري الخالص، وقد يكون تناول بالدراسة المدارس الغربية. . . ثم ترك نفسه بعد ذلك طليقة، وأطلق قلمه حراً، فإذا هو المصري في فنه وأدبه وحياته، وإذا هو عميق في مصريته إلى المكان الذي يجب أن يكون عنده المصري العربي الشعبي.

والذي قرأ تيمور في قصته الطويلة (الأطلال) أو في قصصه القصيرة التي أخرجها قبل ذلك كتباً، يلمس فيه ميلاً إلى هذا الفن شديداً، ويؤمل منه بعد ذلك انقطاعاً للقصة وإيثاراً لها على كل شيء، حتى يسد بذلك فراغاً يجب ألا يترك شاغراً، أو يباح هباء للعابثين المسيئين إلى القصة وتاريخها شر الإساءة. .

وكان فريد أبو حديد مصرياً كذلك دائماً، حين أخرج لنا (ابنة المملوك) و (مذكرات المرحوم محمد) ثم عميقاً في مصريته أيضاً. ويبدو أن دراسته التاريخية الطويلة، قد انحرفت به إلى القصة التاريخية فعشقها عشقاً عظيماً، ولم يرض أن يحيد عنها إلى غيرها من جوانب فن القصة.

وإذا كانت دراسة التاريخ قد غمرت نتاجه وأفرغت عليه من لونها فيضاً، فليس ذلك هو الشيء الذي يتميز به أبو حديد أو يتفرد، وإنما الذي يتميز به على القصصيين المصريين جميعاً هو الخيال الخصب الذي لا يحد، والقدرة الفائقة على تصوير الحياة في غابر العصور أو حاضرها أو مستقبلها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>