للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أي وقت شاء دون أن يناله أي ضرر؛ فتصبح الحكومة حينئذ تحت رحمته. وقد لعب الاشتراكيون هذا الدور مع الحكومات الراديكالية، ويريد الشيوعيون الآن تمثيله مع الحكومة الاشتراكية. ومسيو بلوم أعرف الناس بالضرر الذي سيلحق حكومته إن اتبع الشيوعيون هذه السياسة.

وهذه الصعوبة حجر عثرة أمام الزعيم الاشتراكي، فإن تمكن من حفظ الائتلاف بين الأحزاب الثلاثة، وإن استطاع الاحتفاظ بثقة الحزب الشيوعي، كانت لوزارته مكانة قوية وثابتة، وإن لم يتمكن من ذلك فستجابه فرنسا سلسلة أزمات وزارية أشد خطراً من التي جابهتها خلال السنين الأخيرة، وستكون عاقبة ذلك جد وخيمة ولربما أدت إلى حرب أهلية. . .

ولحسن حظ مسيو بلوم فإن حزبه قد فاز وتسلم زمام الحكم، والحالة الاقتصادية في فرنسا آخذة في الانتعاش والتحسن، فهو بذلك أسعد حظاً من زميله مسيو هريو الذي فاز وتسلم زمام الحكم والبلاد مجابهة أشد الأزمات الاقتصادية والمالية، عام ١٩٢٤ و١٩٣٢. فالانتعاش الاقتصادي الحالي يساعد مسيو بلوم كثيراً، ويسمح له بصرف جهوده في مكافحة الصعوبات البرلمانية، وفي تعديل اعوجاج السياسة الخارجية وتحسين علاقات فرنسا مع الدول وخصوصاً مع بريطانيا. . . فإن تمكن مسيو بلوم من الاحتفاظ بالأكثرية التي تعاضده في مجلس النواب زالت الأزمات الوزارية التي كانت أكبر عامل في إضعاف مركز فرنسا في الدوائر الدولية؛ ويعود للحكومة احترامها وثباتها، وهما ضروريان لنجاح أية حكومة؛ وبالتالي يعود لفرنسا مركزها الدولي السامي الذي كانت تتمتع به أمام المرحوم مسيو بريان. . .

فلوراك (فرنسا)

يوسف هيكل

دكتور في الحقوق

<<  <  ج:
ص:  >  >>