للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغنائه ذي الشذى، وموسيقاه ذات المعاني، حتى رجعت هي أصداءه جميعاً، وأحست كأن الساكن الجديد لم يأت ليشغل الطابق العلوي من بيتها، بل ليحتل السويداء من قلبها؛ فكانت كلما أقبل سامي من عمله في المساء تشعر كأن كهرباء ملأ قلبها، فهو يدق ويدق، ويخفق خفقاناً شديداً، ويسري في جميع أعصابها بكل حاجات الشباب الذي أضر به كبت المحبسين: المنزل الشرقي والتقاليد!

وكانت موجات أثيرية من غناء سامي وموسيقاه تشيع في أرجاء المنزل فتهز أركان ليلى، وتذيب في عينيها دموعاً ليست كهذه الدموع التي يحتلبها البكاء، ولكنها دموع علوية لا يدري المحب من أين تنهمل، لولا ما في أغواره من معاني الهوى. . .

وانسرقت ليلى في أمسية إلى (السطح) ووقفت مختبئة في نفس المكان الذي وقف فيه هذان العجوزان - متولي وبخيتة - يتلصصان على كيوبيد، حين يرشق القلبين الحبيبين بسهامه الذهبية!

وقفت ليلى ثمة، وتلبثت طويلاً تملأ أذنيها وقلبها بغناء سامي وحبه، ثم جعلت بعد ذلك تنسرق كالمرة الأولى، حتى تنبه غافل الشباب، فراح بدوره يرسل إليها أغانيه حاملة قبله، ثم لم يجد بأساً، وقد تأكدت بينهما أواصر الحب، من أن يغافلها وينسرق إلى حيث هي، فلا يكاد يسقط في يديها وترتبك ارتباكة يسيرة حتى يقدم إليها يده المرتجفة، فتصافحه وتنفتل منه فتطوي الدرج إلى. . . حيث تكون بخيتة مصعدةً فتكتشف السر الناشئ الذي لما يكد يشب أو يترعرع. . .

كان سامي يجلس على كرسيه محتضناً عوده، وأمامه ليلى على (كنبة) تحدق فيه، وقد وضعت رجلاً على رجل، وبدا ساقاها الممتلئان طراوة ونعومة وحياة وانسجاماً، واتكأت بظهرها على المسند فنهد جيدها المرمري، وبدت انفلاقة الثديين من فتحة الثوب الوردي الذي كانت ترتديه، فاختلط ورده بوردها المتفتح في كل جزء من جسمها الناضج السوي، وأسندت فَوْدها على يمينها قليلاً، وتهدلت خصلة من شعرها الأسود الفاحم على أصابعها فزادتها فتنة.

وكان سامي يداعب عوده، ولم يكن ينظر إلى ليلى، بل كان مطرقاً برأسه قليلاً، حتى إذا استغرقته الموسيقى أرسل من عينيه عَبْرتين لمحتهما ليلى فنهضت مسرعة وتلقتهما في

<<  <  ج:
ص:  >  >>