للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تصلح زوجة لأي رجل كان.

إن الحياة تغالب الموت في هذا الوجود مفتشة عن أصلح المنافذ للنشوء والارتقاء، وهذه الحياة التي خرجت من الأزل متجهة إلى الأبد إنما تهب كالعاصف الجبار على الجنسين فتلويهما لسلطانها معتلية بالنوع فوق رمم أفراده. على أنه في حين أن هذه الحياة تختار سبيلها بالسائق الغريزي في النبات وفي الحيوان عاملة على تحسين مجاليها بالقضاء على الضعف الطارئ والاستبقاء على القوة الصامدة في الجسوم، فأنك لترى هذه الحياة في المملكة الإنسانية وهي أرقى وأشرف مجاليها تتلوى في مسالك الشهوات المضللة والعقليات السخيفة منزلة بالتائهين أوجع الزواجر وأبلغ العبر، وهؤلاء التائهون لا يرجعون عن غيهم فلا يشفقون على أنفسهم ولا يبالون بأنسالهم.

إن الولد المختل العليل إنما هو الضحية البريئة التي تصفع الطبيعة به أوجه الرجال الفاحشين والنسوة الطامعات المضللات، ولكن الطبيعة لا تعنو دائما لتحكم الإنسان ولا تتهيب زجره وإرغامه فتضرب عن الظهور وتمتنع عن إيجاد الضحية، وآخر ما اكتشفه العلماء في جامعة كولومبيا بالاستقراء بعد أن كان الفكر يفترضه افتراضاً هو التنافر بين عنصري الذكر والأنثى في بعض الأحوال مما يقضي بالعقم التام مع أن كلا من الزوجين ليس عقيما.

وما كان الإنسان ليحتاج إلى الاستقراء العلمي خلال دقائقه وذراته ليعلم أن الطباق والانسجام يؤديان إلى الارتباط المكين، وأن الشذوذ والتنافر ينشأ عنهما التدافع الافتراق، وليس الرجل والمرأة وترين على آلة صماء يشد أحدهما جواباً على قرار الآخر، لأنه إن لم يكن هناك طباق، فإن المرأة أو الرجل المختار أو المختارة للشدّ على طبقة رفيقة ليسمعك صوت انقطاعه بدلاً من الإيقاع المنشود.

ليكن منشأ هذا الانسجام تناسبا بين ذرات الخلايا والعوامل كما يقول العلماء المستقرون، أو فليكن ضعف هذه الذرات أو قرتها مسبباً عن عوامل الكهارب التي تسود الخلايا بتفاعل مجهول، أو فليكن هنالك ما يذهب إليه الروحيون من أن الخلايا والكهارب وكل ما يحوي هذا الجسم من مادة ليس إلا خيالاً لروح كامنة هي الحقيقة المستترة وأن من العبث أن يستقر في العلم منشأ التجاذب والتدافع بتشريح هذا الخيال الماديّ، فأننا تجاه جميع هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>