للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حرياتهم.

ولو أن العرب كانوا برابرة كالمغول الذين أطفئوا جذوة العلم في الشرق إطفاء لم ينبعث من بعدهم البتة - وقد لا ينبعث أبداً بسبب ضياع دور الكتب وفقدان الآثار الأدبية - لو أنهم كانوا كذلك، لتأخر عصر الأحياء عن موعده في أوربا أكثر من قرن.

وليس من شك في أن حياة طالب العلم قبل عهد الطباعة كانت تفيض دائماً بالضجر واليأس، وكان مألوفاً عند الكثيرين من طلاب العلم أن يقوموا في طلبه برحلة يقطعون فيها ألف ميل أو يزيد في سبيل البحث عن معلم يتلقون عنه العلم. ولبثوا يقاسون هذه المشقة حتى العصر الذي قامت فيه الجامعات الإسلامية - بل إلى ما بعد هذا العصر - وقد قام الشبان برحلات طويلة من الأندلس إلى مكة أو من مراكش إلى بغداد، تاركين دورهم وهم خالو الوفاض أملاً في التتلمذ لأستاذ يصادف اختيارهم.

ولعل في وسعنا الآن أن نقول كلمة في نشأة الجامعات الإسلامية: فأولاها هي المدرسة النظامية المعروفة ببغداد، وقد قام بتأسيسها نظام الملك صديق عمر الخيام ووزير السلطان السلجوقي (ألب أرسلان) سنة سبع وخمسين وأربعمائة للهجرة، أي في العام السابق للفتح النورماندي لإنجلترا. ثم قامت بعد ذلك بقليل جامعات أخرى في نيسابور ودمشق وبيت المقدس والقاهرة والإسكندرية وغيرها من البلدان، وكثيراً ما قامت في مدن اشتهرت بالعلم قبل قيام الإسلام كما سيأتي ذكر ذلك بعد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>