للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيستخرج ما فيها فإذا غزالان من ذهب نقي ثقيل وإذا سيوف ودروع. فيكبر ويرفع صوته بالتكبير ويسرع إليه أفراد قليلون كانوا قد بدءوا يفدون إلى المسجد كدأب قريش حين كانت تخف وطأة القيظ. فإذا رأوا هذا الكنز دهشوا ثم تصايحوا ثم يفيض الخبر فيتجاوز المسجد وإذا شباب قريش وشيوخها يقبلون سراعاً مزدحمين يسرع ببعضهم حب الاستطلاع ويسرع ببعضهم الآخر الطمع في الغنيمة ويسرع بفريق منهم باعث ديني غامض فيه خوف وفيه رجاء وفيه إكبار للآلهة وتوقع للمعجزة الخارقة. حتى إذا توافوا جميعا واستوثقوا من أن عبد المطلب قد وجد كنزاً وعرفوا حقيقة هذا الكنز وقوموا ذهبه الخالص وصناعته البارعة وما فيه من سيوف ودروع أداروا أمرهم بينهم. لمن يكون الكنز؟ قال هشام بن المغيرة إنما هو لقريش فقد وجد في المسجد وكل ما وجد داخل الحرم في أرض عامة فهو لقريش. وقال حرب بن أمية: إنما هو لبني عبد مناف فهم الذين إحتفروا وهم الذين ظفروا وما ينبغي لقريش أن تغلبنا على خير ساقته إلينا الآلهة. وتنازع القوم وطال النزاع واختصم القوم واشتدت الخصومة وعبد المطلب صامت مطرق لا ينطق بكلمة ولا يأتي بحركة. هنالك صاح به حرب: ما لك لا تقول وأنت الذي وجد الكنز وأنت احقنا بان ترى رأيك فيه!. قال عبد المطلب في هدوء وأناة ما ينبغي أن يكون الكنز لأحد حتى نستشير الآلهة فما حفرت ولا ظفرت الا بأمر خفي وما أرى إلا أن للآلهة في ذلك إرادة وقدرا لا نبلغهما حتى نسأل الكهان. هنالك وجمت قريش وغضب بنو عبد مناف وأنكروا جميعا في أنفسهم أن يشرك عبد المطلب معهم الآلهة في هذا الكنز الدفين. ولكنهم لم يقولوا شيئا وما كان لهم أن يقولوا شيئا! ومن الذي يستطيع أن يرد قضاء الآلهة؟ حمل الكنز إذن إلى الكعبة وأقبل القوم إلى الكاهن يسألونه أن يضرب بالقداح وها هو ذا يضرب بقداحه ثم يضرب ثم يضرب بين قريش والكعبة فتخرج القداح للكعبة ثلاثا ويصيح عبد المطلب لقد ظهر قضاء الله فليكن ما أراد! تفرقوا يا معشر قريش. . تفرقوا يا بني عبد مناف فليس لأحد منكم في هذا الكنز نصيب. أما هذا الذهب فسيضرب صفائح على باب الكعبة، وأما هذه السيوف فستعلق عليها، وأما هذه الدروع فستدخر في خزائنها. ثم ألتفت إلى أبنه وقال هلم يا حارث اتبعني لنمض فيما كنا فيه. وتفرقت قريش وفي صدورها غل وحنق. ولكن ثلاثة نفر من أهل الظواهر أنتحوا ناحية وأقاموا يرددون الطرف بين الكنز والكعبة وعبد

<<  <  ج:
ص:  >  >>