للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إحذري أن يكون في الستر خرق نراك منه، فقد جعلنا فعلك في حل من كلامنا.

فهتكت الستار ضاحكة فقالا:

- سرك يا آنسة هلا بحت لنا به وأنجزت وعدك؟

فترددت هنيهة ثم دفعتهما نحو الباب وقالت:

- تعاليا معي فتريا.

- ٨ -

بعد مسير غير قصير في طرق ملتوية ودروب ضيقة سار فيها أوجين من قبل وصل الثلاثة إلى دار روجيت فدخلوها، وقد ربح مارسل الرهان لأن الأربعة فرنكات وقطعة الحلوى التي سرقتها الآنسة بنسون أمس كانت على المائدة مع فضلات الدجاجة التي أرسلها أوجين.

وكان حال المريضة خيراً من قبل، وكان شكرها للمحسن المجهول عظيماً. وقد اعتذرت بواسطة صديقتها بأنها غير قادرة أن تستقبل الشابين فانصرفا متعجبين من هذه الكبرياء وهذه العفة.

وبعد أن حضرا دروسهما في المعهد تغديا معاً، وفي المساء خطرا يتنزهان في الشارع الإيطالي. وأخذ مارسل يحاور عشيره ويحاول إقناعه قائلاً:

- طالما لمتني على حبي هؤلاء العاملات، وقد رأيت من طيب أنفسهن ونبلهن البرهان القاطع. من هو ذلك المحسن الذي قام بما قامت به ميمي من أجل صديقتها؟ إن فتاة ترهن ثوبها الوحيد وتسرق قطعة حلوى لتساعد رفيقتها لجديرة بالتقديس وخلود الذكر. أما تلك العليلة فإنها لا تقل عن خدينتها شرفاً وطهراً؛ ولو أن فيها أدنى شائبة لما طلبت كسائلة صدقة من أحد. وكادت تقضي منتظرة لولاك، فلم تخش موتاً محققاً، وهي التي عرفت حلاوة العيش عندما ألقت بنفسها في النهر مرة من قبل.

فقال أوجين: حسبك يا مارسل! أتظن أن أيامي كهؤلاء بلا عائل ولا سند هن ذوات حنكة أو دراية كافية؟ وهل يا ترى نذرن أنفسهن البائسة للشقاء والتعاسة؟ ليت شعري متى يعدن إلى جادة الخير والصلاح؟ ألا قل لي أولا تعاملونهن يا معاشر الشباب بطيشكم ومجونكم المعهودين؟! هيا بنا إلى دار روجيت المريضة علنا نحملها على أن تسلك الصراط

<<  <  ج:
ص:  >  >>