للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غرضه وتأمين حياته؛ ولا تجد أنهض به وأعود عليه من الجوائز والمكافآت، فإنهاتحفز القرائح للعمل، وتضمن الإجادة بالتنافس، وترفع المستوى بانتخاب الأجود؛ وبضعة آلاف جنيه من الخزانة العامة ينفق أضعافها في تمهيد طريق أو تجميل بناء تخلق في الأمة أدباء موهوبين عالميين، وتجمع لها من الأدب الصحيح ثروة

ويرغب الأدب إلى أولياء العهد الجديد أن يضيفوا إلى غذائه ثمار العقول الخصيبة لنوابغ الأمم الأخرى، فان لكل أمة مزايا ولكل بيئة خصائص؛ ولن يكون أدبنا عالميا ما لم يلقح بآداب العالم؛ والتقليد والاحتذاء من أقوى العوامل أثراً في الأدب. ولو شاء الله لأدبنا الكمال من نقصه لألهم المترجمين في عصر المأمون أن ينقلوا روائع الأدبين الإغريقي واللاتيني من الشعر والقصص والروايات والملاحم كما نقلوا العلم والحكمة، إذن لقلدهم أدباء العرب في ذلك، ولسدوا في الأدب العربي خللا ما برئ منه حتى اليوم.

ذلك ميسور بإنشاء دار للترجمة في دار للكتب تنقل أدب الأمم الكبرى نقلا صحيحا، ثم تُنشر عن الدار على نحو ما تفعل اليوم في نشر الكتب العربية القديمة، فيجتمع للأدب الحديث رافدان زاخران يرفده أحدهما بعصارة المدنيات الغابرة، ويرفده الآخر بخلاصة المدنية الحاضرة. والواقع الأليم أنك تستطيع أن تقرأ أي نابغة في أي لغة محترمة إلا في اللغة العربية!!

كذلك يرغب الأدب إلى أولياء العهد الجديد أن تكون له مراجع عليا تقوم عليه، فتتعرف أطواره وتتعقب آثاره، وترتاد له سبل الكمال، فتسد ما فيه من خلل، وتعالج ما به من جمود، وتدفع ما عثا فيه من فوضى؛ ثم تكون لقرائح الشباب وهي في أول الشوط مناراً وحمى، ولعبقريات الشيوخ وهي في آخره أمناً ومثابة.

والمفروض اليوم أن مراجعه التي تقوم بطبيعة إنشائها على تسديده وتعضيده هي مجمع اللغة العربية الملكي بالمعارف، وإدارة الصحافة والنشر والثقافة بالداخلية، وجمعية كبار العلماء بالأزهر؛ ولكنها على هذا الوضع المقلوب والعزم المتخاذل والحركة الوانية لا تنفعه بنافعة؛ فإن العضوية في بعضها تشريف، وفي بعضها الآخر طعمة؛ أما العمل ففضل من العامل، فإذا تفضل به كان له في نهضة الأدب شأن ضئيل وأثر حائل.

على أن إدارة الصحافة والنشر والثقافة حديثة النشأة، والمظهر البادي عليها مظهر الطموح

<<  <  ج:
ص:  >  >>