للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حيث يشتد الاحتشاد الصناعية؛ وعملت العناصر الرجعة على إذكاء الثورة، ولكنها أخفقت وسحقت في سيل من الدماء؛ وقامت وزارة اشتراكية جديدة برآسة السنيور أزانا في فبراير الماضي، وعاد الفلاحون إلى المطالبة بنصيبهم من الأرض، واستولوا على كثير من الضياع واضطرت الحكومة أمام الضغط العام أن تقر هذه الحركة، واشتدت في محاسبة الكنيسة ونزع أملاكها وفي مطاردة أحبارها وتجريدهم من كل حول ونفوذ؛ ولكنها لم تفعل شيئاً لإصلاح الجيش وتطهيره من العناصر الناقمة، مع أن الجيش كان مصدر الخطر على الجمهورية، ولو فعلت لتغير سير الحوادث؛ ورأت العناصر الرجعية أن تلتف حول العناصر الناقمة في الجيش من قادة وضباط، وأن يتحد الجميع على مقاومة هذه الحركة الخطيرة التي ستنتهي بالقضاء عليهم وعلى أملاكهم وامتيازاتهم، وكانوا يضعون آمالهم في الجيش والحرس المدني، ويعولون على إسقاط الجمهورية بثورة عسكرية محلية، لأن الشعب لا يحبهم ولا يمكن أن يصغي إليهم؛ ولكن الحكومة الجمهورية كانت على شيء من التحوط والحذر، فاضطروا أن يولوا شطرهم إلى مراكش حيث تكثر العناصر الناقمة في الجيش، وحيث يستطيعون الاعتماد على الجند المغاربة، وعلى المعاونة الخارجية.

هكذا اجتمعت أسباب الثورة الإسبانية التي انفجرت في ١٧ يوليه الماضي، وتولى قيادتها الجنرال فرانكو حاكم جزر الكناري، وأحد زعماء الجيش الناقمين؛ على أن هذه الثورة لم تنشأ مستقلة، ولم تكن داخلية محضة، فقد كانت تعتمد منذ الساعة الأولى على المعاونة الأجنبية، ولم يك ثمة شك في المصدر أو المصادر التي قدمت هذه المعاونة؛ فقد رأت الفاشستية الإيطالية وهي عماد النظم العسكرية الطاغية في أوربا الجنوبية لأسباب سياسية وعسكرية أن تشد أزر الجنرال فرانكو، وأن تعاونه بكل الوسائل؛ ورأت ألمانيا النازية من جانبها أن تشترك في هذه المعاونة لأسباب وبواعث مشابهة، ذلك أن قيام حكومة عسكرية رجعية في مدريد تقوم على وسائل الطغيان والعنف التي تقوم عليها الفاشستية الإيطالية والنازية الألمانية، مما يقوي هذه النظم من الوجهة المعنوية، ومما يضعف جبهة الديموقراطية الأوربية التي تقف في وجه الفاشستية والنازية؛ وحصن الديموقراطية الأوربية إنكلترا خصيمة إيطاليا منذ الحرب الحبشية، وفرنسا خصيمة ألمانيا التاريخية؛ وإيطاليا ترى في قيام حكومة فاشستية في إسبانيا تقع تحت نفوذها وتأثيرها وسيلة لتقوية

<<  <  ج:
ص:  >  >>