للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإذا ذاك خطأ أميل روديجر أستاذ اللغات الشرقية بجامعة هل (اعتمادا على مخطوطين في مكتبة برلين الملكية جمعت فيهما كل حروف الهجاء الحميرية) خطأ أول خطوة في سبيل الكشف الصحيح، فدحض الفكرة القائلة بأن خط العربية الجنوبية يجري من اليسار إلى اليمين، تلك الفكرة التي أقرها (دي ساسي) وصادفت قبولا عاما، كما أظهر روديجر أكثر من ذلك ان آخر كل كلمة كان ينتهي بخط عمودي، وإن نقوش ولِلَّسِتدْ قد ألقت بصيصا من النور على صنعاء، وفسر رموزها وروديجر كل منها مستقلا عن الآخر عام ١٨٤١م.

وتقاسمت إنجلترا وألمانيا فخر الكشف عن هذه النقوش، ولكن لم تكد تمضي بضع سنين حتى كانت فرنسا ثالثتهما، وسرعان ما مضت قدما في هذا السبيل وتكللت بحوثها بالفوز العظيم ونالت قصب السبق. وفي عام ١٨٤٣ بدأ توماس أرنود التنقيب والبحث بادئا من صنعاء، ونجح في الكشف عن بقايا مأرب مدينة سبأ القديمة الشهيرة، ولم يعبأ بتقهقر صحته، بل نسخ ما يقرب من خمسين أو ستين مخطوطا نشرت بعد ذلك في الجريدة الأسيوية وقد عثر في أسيندر على مترجم ماهر، وفي سنة ١٨٧٠ تنكر العالم اليهودي واخترق (الجوف) شرق صنعاء التي لم يخترقها أوربي قبله منذ سنة ٢٤ ق. م حينما قاد ? جيشا رومانيا من نفس الطريق، وقد توصل هذا المكتشف إلى نتائج أكثر أهمية بعد أن لاقى كثيرا من المتاعب والأهوال الخطرة، ثم تمكن هاليفي أن يعود بعد أن نسخ قرابة سبعمائة مخطوط، وفي أثناء ربع القرن الأخير جمع أشياء أكثر أهمية بينما انكباب براتوريوس وهاليفي وميللر وموردتمان وغيرهم على البحث أزاد معلوماتنا عن لغة وتاريخ وديانة عرب الجنوب في العصر السابق للإسلام.

ولا يمكن القول بأن هناك دقة ما سواء في أسماء الحكام الحميريين - كما يظهر ذلك مما كتبه المؤرخون المسلمون - أم في الترتيب الذي جرت عليه في وضعها، ولو كان هؤلاء أشخاصا تاريخيين لكان لهم ذكر فيما بعد، والأرجح أنهم كانوا أمراء غير ذوي أهمية أرجعتهم القصص إلى العصر القديم وخلعت عليهم نعوت العظمة، وعلى من يعتوره الشك في هذا أن يقارن الصحف الحديثة بتلك التي استنبطت من النقوش وقد جمع د. هـ. موللير أسماء ثلاثة وثلاثين ملكا من ملوك سبأ، كما تكرر كثيرا ورود بعض الأسماء - وهذا دليل على قيام الأسر الحاكمة - وكانت تخلع عليهم الألقاب للأبهة، وقد نجد كثيرا من

<<  <  ج:
ص:  >  >>