للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الكتب بوضع صيغ لكتابة العقود والإقرارات. وقد اهتم بهذه الناحية أيضاً (محمد) في (المبسوط)؛ على أن لهذه الناحية من الفقه فقهاءها الاخصائيين، نذكر منهم (أبا زيد الشروطي) و (الطحاوي) ويتضح لمن يتصفح كتب الشروط هذه أنها لم توضع لمجرد النظر: فهي تراعي دائما الاحتياجات العملية، وتحيط العاقد علماً بما يجب أن يتخذ لنفسه من الحيطة في اشتراطاته مع اختلاف المذاهب

وهذه الصيغ لا تخلو من (الرطانة) القضائية كتكرار الألفاظ والمبالغة في الاحتياطات، ومن الغريب أنها على قدم عهدها يرد بها عبارات تشبه كثيراً ما نقرؤه في العقود التي تحرر في أيامنا هذه

وتظهر أخيرا الناحية العملية من خلال (الفتاوي)، وهي مؤلفات جمعت ما أجاب به المفتون عما عرض عليهم من الأسئلة في حوادث واقعية، ولدينا من هذه المجموعات ما يرجع عهده إلى سنة ١١٠٠هـ، وهي جميعها تتبع آثار الكتب الفقهية، ولا تحيد عن الأحكام التي وردت بها قيد أنملة

ومما يؤخذ أيضاً على المؤلفين اهتمامهم الزائد بدقيق التفصيلات وتفننهم في افتراض المسائل البعيدة الوقوع

وإن كان هذا التطرف في التصورات، وهذا التوغل في الدقائق قد أفاد التشريع بعدد وفير من الأفكار والآراء، فانهما مع ذلك قد أساءا إلى الروح القانونية. ذلك أن هذه الروح تمج التدني إلى صغائر المسائل كما تمج الدقة التي تتطلبها الرياضيات. فمما يثقل على القانوني، أن يرى المؤلفين يسترسلون في عمليات حسابية معقدة

ويلاحظ أن المتأخرين قد وقعوا في محظور آخر، وهو التراشق بالأدلة اللفظية البحتة، والاعتماد في الاستدلال على المنطق المجرد

الروح العامة للفقه الإسلامي - يظهر لنا أن هناك نزعات ثلاثا تسيطر على التشريع الإسلامي

(١) أما الأولى فهي النزعة الفردية. وقد يذهب البعض إلى أن هناك نصوصا كثيرة ترمي إلى حماية مصالح الجماعة. على أن هذه النصوص لا تنهض دليلا على أن النزعة الفردية ليست متغلبة ذلك أن التشريع الإسلامي اصطبغ في الأصل بصبغة دينية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>