للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في صياغة مسرحياتنا وننحو نحوه، ولا بد لنا أن نجتاز هذه المرحلة قبل أن يستقر وضع أصيل للمسرحية المصرية. غير أن هذا لا يحجزني عن التصريح بأن بيننا نفراً من المؤلفين المصرين قد وفقوا كثيراً في تأليف روايات متينة البناء قوية الحبكة جاء حوارها قوياً في سلاسة وسهولة. فهنالك أمثال: (إبراهيم رمزي)، (عباس علام)، (المرحوم محمد تيمور)، يأتون في مقدمة هذا النفر. وجاء أخيراً (توفيق الحكيم) فأضاف ذخيرة جديدة إلى محصولنا في آداب المسرحية المصرية.

واهم ما آخذه على أكثرية المؤلفين المصريين أنهم لا يحسنون العدة للتأليف، فتحصيلهم سطحي هزيل، ولذلك لم يكن غريباً يكون نتاجهم فجاً. وأعرف ممن يكتبون للمسرح من لم يقرأ رواية أجنبية واحدة، فإذا سألته عن شغفه بالتأليف أجابك في زهو أنه مواظب على حضور التمثيل في فرقة فلان أو فلانة.

وأبين مواطن الضعف في المسرحية المصرية جهل بصياغة الرواية وحبكة حوادثها في منطق سليم يستشير اهتمام الجمهور في غير افتعال أو خروج عن المعقول، كذلك ميل إلى معالجة الموضوع بطريقة سطحية يُهدر فيها جانب الشخصيات في الرواية فيبدون نحفاء مهازيل من حيث التحليل النفسي. أما الأسلوب الذي يكتبون به فتعلوه مسحة من التكلف والنزوع إلى الإتيان بمهجور اللفظ والمبالغة في سرد المترادفات والجود بالألفاظ في إسراف معيب. فإذا خلا من هذه العيوب في بعض الأحايين، فلكي يقع في قص الحديث والسرد، وإذا قلت إن قليلاً، وقليلاً جداً من مؤلفينا يحسنون جدل الحوار لما قررت غير الواقع.

وأعتقد أنه يجب أن يمر زمن طويل حتى نحسن صناعة تأليف الرواية المسرحية. والعلة في هذا ترجع إلى أننا نعمل من جديد دخيل في آدابنا.

فقلت له: (وما رأيك في الروايات التي تترجم للمسرح المصري. ومن هو أحب المؤلفين إليك؟) وقد أجابني قائلاً (أكثر هذه المترجمات من هزيل الروايات الغربية ذات الصبغة القاتمة أو ذات المواقف العنيفة المفتعلة. وقد تهافت أصحاب الفرق التمثيلية على نقل هذا النوع من الروايات لسهولة إخراجه على المسرح، ولأن نقله إلى العربية لا يحتاج إلى كثير من العناء الذي يتطلب زيادة الأجر في نفقات الترجمة. هذا فضلاً على أن هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>