للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القراءات العشر): (ولما كان الهمز أثقل الحروف نطقاً وأبعدها مخرجاً، تنوع العرب في تخفيفه بأنواع التخفيف كالنقل والبدل وبين بين والإدغام وغير ذلك، وكانت قريش وأهل الحجاز أكثرهم له تخفيفاً، ولذلك اكثر ما يرد تخفيفه من طرقهم كابن كثير من رواية ابن فليح، وكنافع من رواية ورش وغيره، وكأبي جعفر من أكثر رواياته، وكابن محيصن قارئ أهل مكة مع ابن كثير وبعده، وكأبي عمرو فأن مادة قراءه عن أهل الحجاز)

وهذا صريح جلي في بيان قول الزجاج وصحة مذهبه، وأن إسماعيل بن قسطنطين قد غاب عنه المنحى العربي اللغوي في مثل هذا، فذهب يلتمس التعليل المنطقي ويقول: (لو كان من قرأت كان كل ما قرء قرآناً) كما غاب عنه أيضاً أن الاصطلاح من طبيعته أن يحد من مدلول الكلمة المصطلح عليها.

وذهب آخرون إلى تلمس اشتقاق لها في مادة (قرن) باعتبار أن الكلمة على أصلها لم تعان شيئاً من الإبدال والإعلال: فقال قوم إنها مشتقة من قرنت الشيء بالشي إذا ضممت أحدهما إلى الآخر، وسمى به لقران السور والآيات والحروف فيه، ونسب إلى الفراء القول بأنها مشتقة من القرائن لأن الآيات يصدق بعضها بعضاً ويشابهه.

هذا مجمل الآراء في تعليل كلمة قران بغير همز. أما القراءة الأخرى المهموزة فاختلف كذلك في اشتقاقها على قولين أو ثلاثة

فابن جرير الطبري يروي رأيين في هذا، أحدهما عن ابن عباس، والآخر عن قتادة، أما الأول فيذهب إلى أن القرآن مصدر من قول القائل: (قرأت) كقولك الخسران من خسرت والغفران من غفر الله لك، والكفران من كفرتك، والفرقان من فرق الله بين الحق والباطل - ولم يتعرض الطبري لرواية قراءة ابن عباس لها، وإن كان مساق القول في المهموزة، لكن ذلك لا يعتبر نصاً؛ وإنما تعرض لاشتقاقها. وقد رأينا من كلام إسماعيل بن قسطنطين أن سند قراءاته يتصل بابن عباس؛ فكأن ابن عباس كان يقرؤها مخففة، ويعلم أنها مخففة عن تحقيق، كما رأى ذلك الزجاج فيما سبق بيانه.

أما رأي قتادة فهو أنها مصدر من قول القائل: (قرأت الشيء) إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض، كقولك ما قرأت هذه الناقة سلى قط، أي لم تضمم رحماً على ولد قط. كقول عمرو بن كلثوم:

<<  <  ج:
ص:  >  >>