للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القلب المسكين]

تتمة

للأستاذ مصطفى صادق الرافعي

قال صاحب القلب المسكين: ووقفت المحامية وكأنها بين الحراس تزدحم عليها من كل ناحية، وقد ظهرت للموجودين ظهور الجمال للحب، ونقلتهم في الزمن إلى مثل الساعة المصورة التي ينتظر فيه الأطفال سماع القصة العجيبة؛ ساعة فيها كل صور اللذة للقلب

وكانت تدافع بكلامها ووجهها يدافع عن كلامها، فلو نطقت غيا أو رشداً فلهذا صواب ولهذا صواب، لان أحد الصوابين منظور بالأعين

كان صوت النائب العام كلاماً يسمع ويفهم؛ أما صوت المحامية الجميلة فكان يسمع ويفهم ويحس ويذاق، تلقيه هي من ناحية ما يدرك، وتتلقاه النفس من ناحية ما يعشق، فهو متصل بحقيقتين من معناه ومعناها، وهو كله حلاوة لأنه من فمها الحلو

وبدأت فتناولت من أشيائها مرآة صغيرة فنظرت فيها

- النائب العام: ما هذا يا أستاذة؟

- المحامية: إنكم تزعمون أن هذه الجريمة تأليف عيني، فأنا أسأل عيني قبل أن أتكلم

- النائب: نعم يا سيدتي؛ ولكني أرجو إلا تدخلي القضية في سر المرآة وأخواتها. . . أن النيابة تخشى على اتهامها إذا تكحلت لغة الدفاع

فضحكت المحامية ضحكة كانت أول البلاغة المؤثرة. . .

- النائب: من الوقار القانوني أن تكون المحامية الفاتنة غير فتانة ولا جذابة أمام المحكمة

- المحامية: تريد أن تجعلها عجوزاً بأمر النيابة. . .؟ (ضحك)

- النائب: جمال حسناء، في ظرف غانية، في شمائل راقصة، في حماسة عاشقة، في ذكاء محامية، في قدرة حب. هذا كثير

- المحامية: يا حضرات المستشارين. لم تكن المرآة هفوة من طبيعة المرأة، ولكنها الكلمة الأولى في الدفاع. كلمة كان الجواب عنها من النائب العام أنه أقر بتأثير الجمال وخطره، حتى لقد خشي على اتهامه إذا تكحلت له لغتي

- القضاة يتبسمون

<<  <  ج:
ص:  >  >>