للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[١١ - تاريخ العرب الأدبي]

للأستاذ رينولد نيكلسون

ترجمة حسن محمد حبشي

الفصل الثاني

وأمضى عدي فترة من الزمن في سورية وخاصة في دمشق حيث يقال إنه نظم فيها أول قصيدة. ولما مات أبوه حينئذ هجر مقامه في الحيرة واهتم بالصيد والقنص وسائر فنون اللهو والتسلية. وكان يزور (المدائن) بين فترة وأخرى ليشرف على أعمال التحرير، وفي فترة زيارته للحيرة علق فؤاده هند ابنة النعمان التي كانت تبلغ من العمر وقتئذ إحدى عشر سنة. وإن القصة التي يرويها الأغاني لفي غاية الغرابة حتى لا يمكن التجاوز عنها؛ وتتلخص في أن هنداً كانت أجمل نساء أهلها وزمانها، خرجت في خميس الفصح تتقرب في البيعة في أيام المنذر، ودخلها عدي يتقرب، وكانت عبلة الجسم فرآها عدي وهي غافلة وتأملها ولم يقل لها جواريها ذلك، وإنما قبلن هذا من أجل أمة لهند يقال لها مارية، كانت قد أحبت عدياً فلم تدر كيف تجيء له، فلما رأت هند عدياً ينظر إليها شق عليها ذلك وسبت جواريها، ولكنها وقعت في نفس عدي، فلبث حولاً لا يخبر بذلك أحداً حتى أخبرت مارية هنداً ببيعة دومة وما فيها من الرواهب وحسن بنائها، فسالت أمها الإذن فأذنت لها، وبادرت مارية إلى عدي فأخبرته الخبر فاخذ معه جماعة من فتيان الحيرة ودخلوا البيعة، فلما رأته ماريا قالت لهند: (انظري إلى هذا الفتى فهو أحسن من كل ما ترين من السرج وغيرها) فقالت هند: (ومن هو؟) فقالت: هو عدى ابن زيد، ثم حرضتها على الاقتراب منه وسألتها أن تكلمه، ثم انصرفتا وقد تبعته هند بنفسها وانصرف بمثل حالها، ثم عرضت له في الغد فقال لها: (لا تسأليني شيئاً إلا أعطيتك إياه) فعرفته إنها تهواه وحاجتها الخلوة به على أن تحتال له في هند وعاهدته على ذلك، وبادرت إلى النعمان فأخبرته خبرها وذكرت إنها شغفت به، وأنه إن لم يزوجها إياه افتضحت في أمره أو ماتت. فقال لها: (ويلك وكيف أبدأه بذلك؟). فقالت: (هو أرغب في ذلك من أن تبدأه)، وأتت عديا فأخبرته الخبر وقالت (أدعه فإذا أخذ الشراب منه فاخطب إليه فأنه غير رادك) قال: (أخشى أن يغضبه ذلك) قالت: (ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>