للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وان لجنة البلدية بالباب ومعها الحرس الوطني، يريدون أن يفتشوا، يزعمون أن بلونشونيه في البيت، وأنا واثقة بأنهم مخطئون، فما كنت لتخفي وغدا كهذا، ولكنهم لا يريدون تصديقي.

فصاحت مدام دي لوزي من وراء الباب حسن! فليصعدوا! أطلعيهم على البيت كله من أسفله إلى أعلاه.

وسمع البائس بلونشونيه هذا الحوار فأغمي عليه خلف ستارة، ولم ترد عليه الحياة إلا بعد مشقة حين نضحت صدغيه بالماء. فلما أفاق قالت الغادة للشيخ في صوت خافت: اعتمد على صديقي، واذكر أن النساء مكرة.

ثم أقبلت في هدوء ودعة كما لو كانت تعاين بعض شؤون البيت إلى السرير، فجذبته من مكانه قليلا، وفضت الغطاء واستعانت بي فهيئنا بين وسائده الثلاث فراغا مما يلي الحائط.

وبينا هي في ذلك إذا ضجيج عظيم للأحذية، والقباقيب، والكرانيف والأسواط الغلاظ يسمع في السلم. فقضينا ثلاثتنا دقيقة ملؤها الروع، ولكن الضجيج صعد قليلاً قليلاً فوق رءوسنا. فعرفنا أن الحرس قد بدءوا بقيادة الطاهية اليعقوبية يفتشون على البيت. وكان السقف يضطرب، وكان يسمع للقوم نذير، وضحك غليظ، وضرب بالأرجل والحراب في الجدران. فتنفسنا ولكن لم تكن في الوقت سعة. واعنت بلونشونيه أن يدخل في الفراغ المهيأ بين الوسائد.

وكانت مدام دي لوزي، تهز رأسها وهي تنظر إلينا. فقد كان للسرير بعد هذا العبث شكل مريب. فحاولت أن ترده إلى هيئته الأولى، ولكنها لم تفلح.

قالت: لا بد من أن أنام فيه. ثم نظرت في الساعة، فإذا هي السابعة مساء.

فقدرت أن إسراعها إلى النوم في هذه الساعة سيبعث الريبة. ولا سبيل إلى التفكير في تكلف المرض: فان الطاهية اليعقوبية خليقة أن تفضح هذا المكر.

فلبثت على هذا النحو مفكرة لحظات، ثم إذا هي بهدوء وبساطة وحياء، ملؤه الجلال تخرج من ثيابها أمامي، ثم تدخل في سريرها وتأمرني أن أخلع نعلي وأتجرد من ثيابي وهي تقول: يجب أن تكون خليلي وان نفاجأ في هذه الحال. فإذا أقبلوا لم تجد من الوقت ما تهيئ فيه زيك وتصلح من شكلك. فتفتح لهم في لبسة المتفضل وقد أنتثر شعرك. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>