للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العالم المسرحي والسينمائي]

روميو وجولييت لشكسبير

إخراج ايرفنج تالبرج

لناقد (الرسالة) الفني

استطاع المرحوم (ايرفنج تالبرج) أن يخلد اسمه في عالم السينما كمخرج قوي وعظيم بإخراجه رواية روميو وجولييت. وتالبرج هذا كان من كبار مخرجي شركة مترو جلدوين ماير الذين يشار إليهم. كان جريئاً مجدداً، عمد إلى اقتباس أشهر المسرحيات العالمية الحديثة وإخراجها على الشريط. وتاريخه جليل حافل ولكنه في إخراجه البديع لهذه الرواية أضاف مجداً إلى مجد، وكان هذا الفلم خير عمل يختم به مخرج حياته الحافلة.

لم يكن تالبرج أول من اقتبس أعمال شكسبير للسينما الناطقة، بل سبقه إلى هذا المخرج المسرحي والسينمائي العظيم (ماكس رينهارت) إذ أخرج رواية (حلم ليلة صيف) ' وهي أصعب روايات شكسبير في الإخراج السينمائي، ولكن ذلك الفنان العبقري استطاع أن يبرزها على الشاشة في أجمل الصور وأحبها إلى النفس، فله في هذا فضل السبق إلى جانب الروعة التي لم يدركه أو يدانه فيها أحد. على أن أهم ما يمتاز به إخراج تالبرج هو الصدق وعدم المغالاة، والدقة في إبراز حوادث الرواية والمحافظة على روحها واستعمال الحوار الشعري الذي وضعه شكسبير نفسه

يعرف القراء أن اقتباس سيناريو من رواية مسرحية عمل من الصعوبة والدقة بمكان، لأن الكاتب يعمد إلى ترجمة الحوار إلى صور، وليس كل حوار يمكن أن يترجم إلى صور، والمسرحية مقيدة بزمان ومكان، ولكن روايات شكسبير تشذ عن هذه القاعدة، فالمسرح في عهد شكسبير لم يعرف المناظر التي تتغير، لأن الستار لم يكن قد عرف بعد، وكانت الحوادث تمثل على مسرح مرتفع ويُكتَفى بإبراز لوحة صغيرة مكتوب عليها أسم المكان الذي تجري فيه الحادثة، وعلى رواد المسرح أن يتخيلوا المنظر أمامهم، ولهذا لم يتقيد المؤلف بالمكان فكثرت المناظر في الرواية الواحدة وكانت نتيجة ذلك تتابعاً مستمراً في الحوادث دون انتقال مفاجئ أو انقضاء فترات طويلة بين فصل وآخر؛ وهذا يشبه في

<<  <  ج:
ص:  >  >>