للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأصنام - تتحدث حديثها وترويها أبناءها ليعتبروا بها فلا يحاولوا الخروج عما ألفوا عليه آباءهم. . . حسب أبو سفيان أن الإسلام غمامة صيف جاءت ثم انقشعت. لم يدر أن الإسلام أثبت من الأرض، وأخلد من الزمان، وأنها تزول السموات والأرض ولا يزول، فما هُبل، وما هذه الأباطيل؟ أقطعة من الحجر وفلذة من المعدن، تصنعها بيدك، وتدوسها برجلك، تسويها برب العالمين؟ ما هذا العقل يا أبا سفيان؟

كانت أحد فكان عمر عظيما ظافراً فيها. كما كان في بدر وهما لعمري سواء، ما غلب المسلمون في أحُد. وما غلب فيها المشركون. . . ذلك أنهم ما ساروا خمسمائة كيل، من مكة إلى المدينة ليصيح قائدهم: اعل هبل. . . أعل هبل. . . ثم يرجع من حيث جاء، ولكن ساروا ليفتحوا المدينة، ويقتلوا محمداً، ويجتثوا الإسلام من أصله، فكيف يدعون المدينة وما بينهم وبينها إلا مسيرة نصف ساعة، وما فيها حامية تذكر ولا يدخلونها ولا يحتلونها ولا يغيرون عليها فينهبونها؟ وكيف ينظر قائدهم العام محمداً صلى الله عليه وسلم وصحبه وهم قواد العدو، ويكلمهم ويحادثهم ولا يقتلهم ولا يأسرهم، وهو ظافر بهم ظاهر عليهم؟ وكيف يعد جيش المسلمين منهزماً، وقواده ثابتون، وضباطه مستقرون في أماكنهم، وقلبه باق ورايته مرفوعة؟

أما إن الحق أن جيش المسلمين، قد اضطرب بعد أن غادر الرماة أماكنهم، وأغار عليه خالد - قائد فرسان المشركين، وانهزمت بعض فرقه، مذعورة خائرة - ولكن القادة، وفرق القلب بقيت ثابتة في أماكنها. تمنع العدو من الوصول إلى المدينة حتى يئس فارتد على أعقابه من حيث جاء، ونجح الجيش الإسلامي في خطته الدفاعية نجاحا باهرا، ذلك أن الجيش الإسلامي كان مدافعا، وأكبر نصر يناله الجيش المدافع، هو أن يرد العدو وينقذ الوطن. وهذا ما قام به الجيش الإسلامي على أتمه ولكنه خسر كثيرا من الضحايا. . .

فمعركة أحد إذن نصر للإسلام، وعمر من أعلام هذه المعركة وأبطالها

- ٨ -

واقرأ (السيرة) كلها، فهي سيرة عمر - وإذا لم يظهر اسمه في كل موطن - ولم يبد ذكره في كل موقع - فلأن النبي صلى الله عليه وسلم شمس تسطع في سمائها - فتكسف النجوم مهما كانت وضاءة متلألئة

<<  <  ج:
ص:  >  >>