للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الكوجيتو الديكارتي ومهدت له. وإذا كان ديكارت مديناً لأغسطين بشيء في صوغه وتصويره فهو مدين بدرجة لا تقل عن هذا لابن سينا كذلك، خصوصاً وإلى الأخير يرجع الفضل في بعث أفكار أغسطين من مرقدها وتوجيه اللاتينيين من جديد نحوها توجيهاً نشيطاً في الأربعة قرون السابقة لديكارت. وهو مع زميله ابن رشد قد أثارا في العالم الغربي منذ القرن الثاني عشر مشكلة العقل والنفس ونظرية المعرفة بوجه عام إثارة امتد صداها إلى عصر النهضة.

وغني عن البيان أنه لا يعيب الكوجيتو مطلقاً أن يكون بعض الباحثين قد اهتدى إليه من قبل عن طريق آخر، فإن اتفاق الآراء على أمر من الأمور يزيده قوة فوق قوته ويقيناً إلى يقينه. وليس ثمة داع لأن نجهد أنفسنا، كما صنع هملان وغيره في أن نثبت بأي ثمن أن ديكارت مبدعه الأول، فإن هذه محاولة فاشلة ولا تتفق مع روح البحث العلمي الحديث. ولا يعيب ديكارت نفسه أن يكون قد سبق إليه في صورة غير الصورة التي أظهره فيها، وثوب غير الثوب الذي البسه إياه، فإن الفكرة الواحدة تتشكل بأشكال مختلفة تبعاً للمذاهب الفلسفية التي تبدو فيها

يتبع

إبراهيم مدكور

<<  <  ج:
ص:  >  >>