للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذا الشاب (لنسكي) إلى عائلة مجاورة قوامها أرمل وابنتان، صغراهما أولجا، فتاة يافعة ممشوقة ساحرة اللفتات، رشيقة الحركات، علقها لنسكي من كل قلبه، وشغفه حبها حتى ما يفكر إلا فيها. والكبرى، تاتيانا، أقل جمالا من أولجا، وإن تكن أرجح عقلا، وأثبت جناناً، وأكمل أنوثة. ترى أونجين فتحس بزائر جديد يحتل قلبها دون أن يستأذن، وتشعر بانعطاف إليه يقرب أن يكون ولوعاً. وتكتب إليه بعد أن يكون التعارف قد اشتدت أواصره، وتعترف له بما تحس نحوه في أعماقها، في أسلوب صارخ، وعبارة مجلوة منتقاة، وكلمات تكاد تتوهج وتلتهب. وليس في أشعار العالم شيء يشبه ما نظمه بوشكين في رسالة تاتيانا هذه، بل ليس في فلسفة الحب صورة هي أروع ولا أصدق مما جاء في خطابها إلى أونجين. لقد كان قلبها يتكلم ويتضرم، وكانت نفسها الملتاعة الوامقة تسيل دماً على شباة القلم. ولقد قرأنا درة شللي (أبييسيكيديون) في الحب، ولكنا لم نلمس هذه الروح التي هبطت من وحي بوشكين في رسالة تاتيانا، ولم نلمح هذا القبس المقدس الذي أججه بوشكين العظيم في شعره العظيم. . .

ويرد أونجين على هذه الرسالة العلوية بخطاب فاتر بارد فيدعي فيه أنه لم يخلق للحب، ولا يفكر في الزواج. وأنه غير جدير بها، لأنه لم يشعر نحوها إلا بما يشعر به الأخ نحو أخته.

وإنهم جميعاً لفي مرقص، فتدعو أولجا الصديق أونجين إلى رقصة اختارتها، فينهض ملبياً طلبها، وما تنتهي الموسيقى إلا وقد جن جنون لنسكي من الغيرة، فينهض إلى أونجين وينتهره، ويتحداه تحدياً يهيجه، فتكون بينهما مبارزة هائلة يقتل فيها لنسكي - وتسود الدنيا في عيني أونجين، فيرحل عن هذا البلد ويتنقل في أطراف البلاد. . وتنتقل الأرمل بابنتيها إلى العاصمة حيث يتفتتن أحد أغنيها بتاتيانا، فيخطبها إلى أمها، وسرعان ما يصبحان زوجين سعيدين

ويلتقي بها أونجين فجأة في إحدى حدائق بطرسبرج، فتثور في نفسه الذكريات القديمة، ويهيج به ميله الماضي، فيبثها حبه ولكن. . ولكن. . الفتاة تدمع قليلا. ثم تصارح الفتى قائلة:

(أونجين! لقد أحببتك من صميمي، ولكنك استكبرت ورفضت حبي. . . وهأنا الآن زوجة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>