للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مارتن كاليكاك شاباً سليم العقل من أسرة كبيرة تطوع في الحرب الأهلية الأمريكية، وكان يتردد على حانة تختلف إليها فتاة ضعيفة العقل توددت إليه فحملت منه سفاحاً وولدت له ولداً ضعيف العقل. وفي سنة ١٩١٢ استطاع الأستاذ جودار أن ينتهي من عمله فأحصى أفراد هذه الأسرة فبلغ عددهم ٤٨٠ فرداً جاءوا من ذلك الزواج غير الشرعي. وتتبع أحوالهم فوجد أن معظمهم (٩٩ % منهم) عاهر أو فاسق أو سكير أو لص. على أن تلك الحرب لم تكد تنتهي حتى تزوج مارتن بفتاة أخرى سليمة العقل شريفة النسب، وتتبع الأستاذ جودار ٤٩٦ شخصاً من أفراد هذه الأسرة فلم يعثر فيها على شخص ضعيف العقل وإنما وجد أن الأسرة كلها مكونة من أطباء ومحامين ومدرسين ومهندسين وتجار وغيرهم ممن لهم يد عاملة في الحياة.

وضعاف العقول هؤلاء يربكون نظام التدريس في المدرسة ويعطلون سير الدراسة، وذلك لأنهم يختلطون في الفرق المختلفة مع العاديين والأذكياء. أما في المجتمع فقد اتضح لنا من نتائج الأبحاث التي قام بها الأستاذ جودار في إصلاحية الأحداث في الولايات المتحدة بأن سبب سلوكهم الشاذ هو كونهم ضعاف العقول. ومن هنا نجد أن ضعاف العقول يهددون كيان المجتمع، ولذلك يجب أن نهتم بأمر تربيتهم حتى تخف وطأتهم؛ وبقياس الذكاء يمكننا فصل هؤلاء في فصول خاصة وتعليمهم تعليماً يتلاءم مع درجة ذكائهم

ونسبة الذكاء هي الأساس السيكولوجي الذي يبني عليه المربي تعليمه لضعفاء العقول، ويجد على المربي الذي يقوم بأمر تربيتهم أن يعين ذكاء كل واحد حتى يستطيع وضع طريقة تتفق مع قدرة كل منهم العقلية، ويستطيع أن يعين الموضوعات التي يمكن أن يتعلمها ضعيف العقل في هذا العمر المعين

ولا يمكن أن يعلم هؤلاء الضعفاء أي عمل يحتاج إلى درجة من الذكاء أعلى من مستواهم. وقد حاول كثير من المدرسين ذلك فلم يستطيعوا. وكذلك فكرة تعليم هؤلاء الضعفاء حتى ترتقي عقليتهم إلى المستوى العادي فكرة خاطئة، ولكن توصل بعض الأطباء إلى إعادة بعض ضعفاء العقول إلى المستوى العادي، وذلك في الحالات التي لا تنتمي إلى ضعف عقلي وراثي، وإنما ترجع إلى وقوف النمو عندهم بعامل من العوامل الخارجية. ومع كل فإن هذه الحالات نادرة جداً، كما أنه لا يمكن للمربي أن يضيف شيئاً إلى نسبة ذكاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>