للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حديث الأزهار]

للكاتب الفرنسي ألفونس كار

- ٥ -

قالت الزهرة المائتة للزهرة الخالدة:

- لقد تمتعنا بالحياة معاً على مرج واحد، وغداً تلفحنا نسمات الربيع المودع فتذوي وريقاتي وأموت؛ وتبقين أنت خالدة في الحياة

ستقبلك الشمس مشرقة ومغربة فتشرب من وجنتيك دموع الصباح وأنت مصغية إلى أناشيد الأطيار

ما أحلى الحياة وما أجمل البقاء! ويلاه من قضاء أبرم على حكم الفناء!

فأجابت الزهرة الخالدة: - كل شيء يتغير ويتطور وأنا وحدي أشهد في جمودي نشوء الطبيعة وتحولها

تمر بي لفحات القرّ وتداعبني نفحات الصيف فلا الشتاء يميتني، ولا الربيع يحيني، وأنا أحمل تاجي الأصفر الدائم فلا أخاف الموت ولا أشعر بالحياة

تمر بي أسراب النحل فلا أسمع لها طنيناً، ويجانبني الفراش المتطاير فلا تلمسني جناحاه

يهب النسيم فيمر بي سراعاً دون أن يستوقفه مني أريج يتضمخ به، وتقترب الغادة مني ثم تبتعد وهي تحدجني بلفتات الاحتقار

من يقطف زهرة القبور، زهرة الخلود الصفراء الدائمة الذبول؟

تمايلي على ساقك النظير يا زهرة الربيع، وارفعي أبصارك إلى السماء شاكرة، سقياً لك! فأنك ستحلين رموز الموت بعد أن عرفت أسرار الحياة

أما أنا الضحية البريئة، فلسوف أبقى عرضة لحر النهار وبرد الليل، تضربني شمس يوليه وتعانقني ثلوج يناير، سوف أبقى في الحياة لأسمع في الليل أنين العظام البالية في القبور

ستموتين يا زهرة الربيع فترفع روحك مع زكي عبيرك إلى السماء

اذهبي بسلام واحملي توسلي إلى العلي، قولي للذي خلقنا: إن دوام البقاء على الأرض ضربة لا عطية، توسلي إليه ليدعوني إلى مصدر كل سعادة وكل حياة

(ف. ف)

<<  <  ج:
ص:  >  >>