للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مصبه في البحار

إن في داخلي بحيرة وحيدة قانعة بنفسها، غير أن نهر محبتي يجتذبها في مسيره ليقطع معها السيول ويترامى وإياها في لجة البحر

إنني أتبع مسالك لم أعرفها من قبل وألهمت بيانا (جديدا) بعد أن أتعبتني اللهجات القديمة التي ترهق كل المبدعين وقد امتنع على فكري أن يقتفي رواشم النعال المقطعة

ما من لغة إلا وأراها بطيئة تقصر عن مجاراة بياني

سأقفز إلى صهوتك أيتها العاصفة فألهبك أنت أيضاً بسوط سخريتي

أريد أن أقطع أجواء البحار كهتفة مسرة وحبور إلى أن أستقر على الجزائر السعيدة حيث يقيم أحبائي، وبينهم أعدائي أيضاً، لشد ما أحب الآن جميع من يتسنى لي أن اوجه إليهم الكلام. وسيكون لهؤلاء الأعداء أيضاً قسطهم في إيجاد غبطتي

عندما أتحفز لاعتلاء أشد جيادي جموحاً لا أجد لي معيناً أصدق من رمحي متكأً أرتفع عليه

هو رمحي أهدد به أعدائي، ولكم يستحقون ثنائي إذا ما تمكنت من طرح هذا الرمح من يدي:

لقد طال اصطبار غيومي بين قهقهة الرعود ٍوقد آن لي أن أرشق الأعماق بقذائف برَدَى.

إن صدري سيتعاظم بانتفاخه حتى يزفر بالعاصفة الهائلة على الشامخات وهكذا سأفرَّج عنه

فان سعادتي وحريتي سيندفعان اندفاع العواصف ولكنني أتمنى لو يحسب أعدائي أن ما يزمجر فوق رؤوسهم إنما هو الشر لا روح سعادة وحرية

وأنتم أيضاً أيها الصحاب سيتولاكم الرعب عندما تنزل عليكم حكمتي الكاسرة ولعلكم تولون هاربين منها كما يهرب الأعداء

ليت لي أن أستدعيكم إليَّ بحنين شبّابة الرعاة، وليت تتعلم لبؤة حكمتي أن تزأر بنبرات العطف والحنان، فلطالما وردنا سويا من مناهل العرفان. ولكن حكمتي الوحشية تمخضة بآخر صغارها في الجبال السحيقة بين الجلامد الجرداء، وهي الآن تطوف بجنونها الصحاري القاحلة مفتشة على المروج الناضرة

إنها لشيخة وحشية هذه الحكمة التي تقصد إنزال أعز ما لديها في مروج قلوبكم الناضرة

هكذا تكلم زارا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>