للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في مصر، ولكن الطريق التي يسلكها إلى ذلك هي التي أنكرها عليه، لأن إشفاقه من غزوة الأعجمية المزعومة للغة الضاد إشفاق وهمي، فلن يضيرها أن يكتب مؤلف (سيتوبلازما) بدلاً من حشوة التي وضعها المجمع فيتكلف الناس من المشتغلين بالعلم في مصر استضهار معجم من الألفاظ العربية إلى جانب المعجم الدولي الذي لا يمكن الاستغناء عنه إذا اردنا تتبع العلم في تطوره. وقد درجنا ودرجت من قبلنا ومن بعدنا عشرات الأجيال من الطلبة والأساتذة في المعاهد المصرية على استعمال مصطلحات (ستاتيكا) ودنيابيكا) و (كلور) و (مثيلين) و (بروتوبلازما) وغيرها من المصطلحات الدولية، فكنا نعالج استعمالها في غير شعور بما يسمى بالأعجمية، كما كنا نستعمل ألفاظاً مثل تشيكوسلوفاكيا واستكهلم ومترنيخ سواء بسواء، بل ما كنا نجد في كل هذا من الغرابة ما كنا نجد في تلك الألفاظ التي كانوا يضعونها في حافظاتنا مثل افرنقع وغضنفر واسحنفر وغيرها من الألفاظ التي كنا نستعيذ بالله من وحشيتها. قل ما شئت في قيمة الثقافة اللغوية لخريجي المعاهد المصرية فالعبرة بعد كل شيء في الحكم على صلاحية لفظ أو عبارة بحظها لدى ذوق الجمهور من الخاصة أو من العامة، فهذه مسرة وبرق يعرفهما كل الناس ولا يستعملهما أحد، فتقرأ في أكبر الصحف العربية تلغرافات كذا الخصوصية، وتليفون رقم كذا؛ أقول ذلك لأني لا أومن بأن اللغة غاية في ذاتها بل هي أداة، وهي باعتبارها كذلك لا يمكن أن يكون المرجع فيها إلى مجلس يشرع بل إلى ذوق جمهور يستسيغ أو يعرض

وفي النهاية إذا كان لابد لمجمع اللغة أن يساهم في النهضة العلمية في مصر فليكن ذلك عن طريق ما أنشئ له أو ما كان يجب أن ينشأ من أجله، وأقصد العناية باللغة من حيث هي، ففي كتب العلم شيء آخر غير المصطلحات. هناك العبارة اللغوية والأسلوب، ومهما كانت الأسباب فنهاك حقيقة يعرفها ويتألم لها كثير من المشتغلين بالعلم في مصر، وهي أن العبارة من اللغة الأجنبية التي لم يدرسوها إلا سنوات محدودة بالنسبة للغة العربية تواتيهم في سهولة توئسهم في لغتهم، فليكن سبيل المجمع إلى إصلاح هذا الحال: حال ضعف اللغة العربية عند أهلها. ليكن نشاطه في البحث عما يقوم لسان الكتاب والمؤلفين إذا تكلموا أو كتبوا عن طريق عملي يجعل من اللغة العربية لغة سهلة التناول في مستوى اللغات الحية الأخرى. أما المصطلحات العلمية، وأما لغة العلم فهذه شأنها إلى العلماء

<<  <  ج:
ص:  >  >>