للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسألُ الرَّملَ عن وجوم أبيهِ ... فإذا الرَّمل منصتٌ والفضاء

يسأل الأرضَ والسماَء فما تن ... ييهِ أرضٌ ولا تجيب سماء!

وتراه بَهمُّ يسأل عن ذا ... كَ أباه الحزينَ لولا الحياء

يا إلهي! هذا خَليلُكَ إبرا ... هيم يَغدو لما أرادَ القضاء

وإلى جنبهِ ابنهُ البرُّ إسما ... عيل سلواهُ في الدُّنى والعزاء

جاءه وحيُك المقدَّسُ في اللي ... ل وقد عمَّتِ الدُّنى الظَّلْماء

قال (قرِّبْ إلى السماءِ القَراب ... ينَ، فقد شاقتِ السماء الدماء

إنها تبتغي وحيدَكَ ذبحاً ... ليسَ في غَيرهَ لها إرضاء!)

هبَّ من نوْمِه الشروِد مُراعاً ... ونأى عن جفونِهِ الإغفاء

إنما تطلُبُ السماء فتاه! ... ليسَ مما تبِغي السماء نجاء!

قد قضى الله ما أرادَ وأمضى ... وقضاء اللهِ الرحيم مَضاء

ليكن ما أرادَ سوْفَ يضحَّي ... بابْنِهِ وهو عيشُه والهناء. . .

يا رحيمَ الأكوان! حكمتُك الغرَّا ... ء، حارتْ في كُنهها الحكماء

إنْ أضْرَي الجراحِ يا رب ما عا ... ناهُ في الأرض رسْلُكَ الخلَصاء

أنت قدَّرتَ أن يعذّب في الأر ... ض نبيٌّ، ويسْعد الأغبياء!

طالَ سْيُر الفتى وناءت قواه ... وعراهُ بعد النشاطِ وَناء

أينَ يمضي به أبوه ولا زا ... د لديهِ، وليس في القفر ماء

الفيافي ممتدَّةٌ كالأماني ... لا تناهي وكلها جَرداء

فَإلامَ السيرُ الممِضُّ وما للِ ... قَفزِ من أول وليسَ انتهاءُ؟؟. .

وَتَجَرَّى وقال يَسْتطلِعُ السرَّ ... وقد آده الوّنى والظَّماءُ

وشجاه الصمتُ الطويلُ، وللصَّم ... ت على القلب غمَّة دكناء:

(أبتي طالَ سيرنا وعراني ... نصبٌ منه مُرمِضٌ وعناءُ

أين نبغي؟ لعلنا قد ضَللْنا ... نهْجنا! أينَ قصدُنا والرَّجاء؟

أبتاهُ كلَّت يداي ورجلا ... يَ، وأدمتُ أصابعي الحصباء

مِلْ إلى الظِّلْ نَسْتَجِمَّ قليلا ... فلقدْ هَدَّ قوتي الإعياء!)

<<  <  ج:
ص:  >  >>