للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وجهه. وقوله: كل من عليها فان، وقوله: الله نور السموات والأرض الخ فقد أولوا الوجه في الآيتين الأوليين على أنه الذات الإلهية الأزلية المقومة لكل موجود؛ وأولوا الهالك والفاني على أنه مظاهر الوجود أو الوجود المتكثر: أما النور ففسره تفسيراً زرادشتيا على أنه الوجود الحقيقي وضده الظلمة التي هي العدم المحض. أما الأحاديث التي يستشهد به الصوفية فأكثرها مدخول على النبي منتحل

ثالثاً - علم الكلام: فقد وصل علم الكلام في إبان ظهور التصوف الفلسفي في الإسلام أقصى حده في النضوج الفلسفي، وتسرب الكثير من نظرياته إلى نظريات الصوفية

والمعروف أن عدداً كبيراً من رجال الصوفية في القرن الثالث كانوا من كبار المتكلمين أيضاً أمثال أبو القاسم الجنيدي والحارث المحاسبي وغيرهما

والناظر في كتب التصوف أمثال اللمع للسراج والتعرف للكلاباذي والرسالة للقشيري وغيرها يعرف مدى علم الصوفية بمسائل الكلام ومدة مزجهم لها بنظرياتهم. وتكفي الإشارة هنا إلى عقيدة وحدة الوجود التي هي أخص مظهر للتصوف الفلسفي الإسلامي، فإنها فيما أعتقد راجعة في اصل نشأتها إلى تفكير إسلامي كلامي صوفي؛ وليست كما يقول بعض المستشرقين راجعة إلى الفلسفة الأفلاطونية الجديدة أو الفلسفة الهندية؛ فقد بدأ الصوفية يبحثون في عقيدة التوحيد بحثا كلاميا فوقعوا من حيث لا يعلمون في عقيدة وحدة الوجود. بدءوا يبحث الوحدانية فقالوا: الله واحد بمعنى أنه لا شريك له، فنفوا الشريك والند والضد والمثل. وقالوا أهم صفة للإله الواحد وجوب الواجد. ثم بحثوا في واجب الوجود فقالوا الله واجب الوجود بمعنى أن وجوده من ذاته، وغيره ممكن الوجود أي وجوده من غيره، ولكنهم زادوا على ذلك بقولهم إنه واجب الوجود بمعنى أن وجوده هو الوجود الحقيقي وكل ما عداه فوجوده ظاهري أو وهمي. ثم توسعوا في معنى وجوب الوجود فقالوا إن واجب الوجود هو الفاعل لكل شيء والعلة في وجود كل شيء - فانتهوا من بحثهم بنتيجتين:

الأولى: نفى للعلل كلها والقول بأن لا فاعل على الحقيقة إلا الله

والثانية: نفى الوجود المتكثر الظاهر في الكون والقول بأنه وجود زائل متغير - وأن المقوم لكل موجود والحقيقي في كل موجود هو الحق أو الله

<<  <  ج:
ص:  >  >>