للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطبيب الكامل، قال: (وقد بين جالينوس أن الطبيب فيلسوف كامل، وأنه من قصر عن ذلك فهو متطبب لا طبيب. والفيلسوف الكامل هو الذي قد حصل على العلم التعليمي والطبيعي والإلهي والمنطقي، فالطبيب هو الذي حصل كل واحد من هذه على الكمال)

لم يقتنع ابن رضوان بهذه المقالة بل ألف رسالة أخرى ضد ابن بطلان يمكننا الحكم ابنها لم تحتو إلا هجاء وذما. فلم يستطع ابن بطلان أن يترك الأمر عند هذا الحد ووجد نفسه مضطراً إلى رد مفصل هو من أظرف الكتب العربية ومن أبدعها سماه (المقالة المصرية) عَرَجَ فيه عروجا علميا فائقا يقصد به فضح آراء ابن رضوان كلية. يشتمل على مقدمة وسبع فصول. يعتذر ابن رضوان في المقدمة إلى خصمه بأنه إنما ألف كتابه هذا امتثالا لرغبة بعض الجهات الجليلة، ويناشده بإله السماء وتوحيد الفلاسفة، أن يجيبه بقلب طاهر نقي خال من درن الغضب؛ (فثاميسطيوس يقول: قلوب الحكماء هياكل الرب، فيجب أن تنظف كما تنظف بيوت عبادته. وفيثاغورس يقول: كما أن العوام تظن أن البارئ تعالى في الهياكل فقط فتحسن سيرتها فيها، كذلك يجب على من علم أن الله في كل مكان أن تكون سيرته في كل مكان كسيرة العامة في الهياكل). أما الفصل الأول فهو في العلل التي لأجلها صار المتعلم من أفواه الرجال أفضل من المتعلم من الصحف، إذا ما كان قبولهما للتعليم واحداً، وهذا عكس ما زعمه ابن رضوان الذي، كما لاحظنا، لم يدرس هو نفسه على أستاذ بل تعلم بالمطالعة فقط. والدليل السادس منها يوضح لنا جيداً مقدار الصعوبات والمشكلات التي تلقاها أولئك العلماء الناطقون بالضاد عند دراستهم للكتب العلمية اليونانية: (يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم قد عدمت في تعليم المعلم، وهي اشتراك الأسماء، والتصحيف العارض من اشتباه الحروف بعدم النقط. . . وسقم النسخ ورداءة النقل. . . وذكر ألفاظ مصطلح عليها في الصناعة، وألفاظ يونانية لم يترجمها الناقل وهذه كلها معوقة عن العلم. وقد استراح المتعلم عن تكلفها عند قراءته على المعلم). والبيان السابع ينبني على إجماع المفسرين أن فصلا من فصول أرسطو لو لم يسمعه ثاوفرسطس وأوذيمس من المعلم نفسه لما فهم قط من الكتاب. فأما الفصل الثاني فهو في أن الذي علم المطالب من الكتب علما رديئا ثار عليه باعتقاده أن الحق محال شكوك يعسر حلها. والفصل الثالث في أن إثبات الحق في عقل من لم يثبت فيه المحال أسهل من إثباته عند من ثبت في عقله

<<  <  ج:
ص:  >  >>