للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في وقوف الأستاذ المؤلف وهو عالم بقوانين الضوء والظل وفي القرن العشرين من قوله تعالى (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا) ومن قوله (ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً) وقفة العالم أمام حقيقة لا تزال مخبأة. . لشاهداً قائماً على إن في القرآن آيات لم تكن نازلة للجيل الذي شهد نزولها، فلا يصح أن نتحاكم نحن إلى فهمهم فيها مادام الزمن (اكبر مفسر للقرآن كما قال الشيخ حسن الطويل أستاذ الأمام محمد عبده) قد أرانا بسير العلم وجها آخر يحتمله اللفظ ولا يأباه الأسلوب العربي

ولا يضر القرآن شيئا أن تتغير الأوجه العلمية التي يفسر بها كل جيل آياته، ما دامت نصوصه هو ثابتة. وما دام كل جيل جد فيه ما يرضيه فان ذلك من أسرار إعجازه ومن عجائبه، فإذا فهمنا نحن مثلا معنى اللقاح من قوله تعالى (وأرسلنا الرياح لواقح) على انه تلاقح كهربائي بين الموجب والسالب في السحاب كما فسر الأستاذ الغمراوي. وفهمنا سر الاستدلال على البعث من قوله تعالى (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا) كما بينه الأستاذ فاعتقد انه لا يضر القرآن أن فهم من قبلنا في هذين الموضعين وغيرهما وان يفهم من بعدنا غير ما نفهم نحن الآن. على إن الوجه العلني متى صار حقيقة دخلت في صف الميراث العلمي الثابت، فمحتوم على المفسرين أن يأخذوا به، كما يتحتم عليهم أن يؤولوا النص القطعي إذا لم يتفق ظاهره مع ما يلزمه العقل كتقرير القاعدة الأصولية.

وبعد فقد قرأت في مجلة الهلال عدد مارس سنة ١٩٣٧ قبل أن أقرأ كتاب الأستاذ الغمراوي ثلاث مقالات عن الذات الإلهية لثلاثة من كبار علمائنا الطبيعيين هم: الدكتور علي توفيق شوشة بك مدير معامل وزارة الصحة، والدكتور احمد زكي بك مراقب مصلحة الكيمياء. والدكتور محمد ولي الأستاذ بكلية العلوم، فإذا بالدكتور شوشة بك يقول: إذا كان هناك أناس أحق بمعرفة الله ودرك عظمته والإقرار بوحدانيته فهم العلماء، ذلك لأنهم اكثر خلق الله اتصالا بالطبيعة وأقربهم إلى لمس غوامضها ثم يقول: إنني كلما جلست إلى المكرسكوب أو انصرفت إلى التجارب في معملي لم ازدد إلا خشوعا أمام تلك القدرة الإلهية

وإذا بالدكتور زكي بك يقول في آخر مقاله الطويل الممتع كأنه قصيدة، المطرب كأنه ترتيلة، المثبت لوحدانية الله بأسلوب عجيب. وبعد فتسألونني: ما صورة الله؟ تلك هي

<<  <  ج:
ص:  >  >>