للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الخلود.

ولما رأى الكهنة أن فرعون يقاسي قبل الوصول إلى إمبراطورية (أوزيريس) أهوالا صعابا أشاروا بأن تتلى عند دفن المومياء الملكية التعاويذ التي تلتها (إيزيس) على جسم زوجها أوزيريس فأعادته إلى الحياة، أو أن تكتب هذه التعاويذ وتوضع مع المومياء في مقرها الأخير، ليعود فرعون في سهولة إلى الحياة ليجتاز العقبات إلى مملكة الآخرة

ولما ارتقت الديانة المصرية تطورات هذه الشعيرة فانتقل فرعون من مملكة (أوزيريس) إلى مملكة (رع) كبير الآلهة وترك الأولى لأفراد الشعب الذين يجب أن يجتازوا الصراط جميعاً إلى المملكة وأن يمر بهم ما كان في العهد القديم خاصاً بفرعون

أما فرعون فقد أصبح في العقيدة الجديدة قميناً بأن يذهب إلى المملكة الساطعة كما كان يسمونها، وكان يستعين على الصعود إليها في السماء تارة بجناحي (هوروس) وأخرى بجناحي (توت) وثالثة بسلم يحضره إليه الآلهة، وهو سلم طويل يتصل أوله بمملكة (أوزيريس) تحت الأرض وتلامس قمة مملكة (رع) في السماء فإذا وصل إلى هذا المقر الإلهي ظل فيه زمناً يحمل أسم (هوروس) ويستمتع بامتيازاته، ثم ارتقى بعد ذلك إلى منزلة (رع) نفسه وامتزج به واتحد فيه اتحاداً كلياً. ومنذ أن ظهرت في الديانة المصرية هذه الصلة بين (رع) وفرعون حصل فيها تطور وانقلاب عظيمان إذ أصبح (رع) هو الذي يطوف بالملكة ليلاً ثم يتغشاها قبل حملها بالملك المقبل. وهكذا اصبح (رع) هو الأب المباشر لفراعنة الدنيا وهو الكل الأعظم الذي يتلاشون فيه في الآخرة

هل نشأ التطور الديني الجديد من الفلسفة أو الفلسفة هي التي نشأت من هذا التطور؟

اختلف الباحثون من العلماء في هذه النقطة في الإجابة على هذا السؤال اختلافاً شديداً، فأجاب الفريق الأول وهم الأكثرية العظمى من الباحثين بأن الأصل هو التطور الديني وأن الفلسفة ناشئة عن هذا التطور ووليدة احتكاك الأفكار حوله كما حدث في مسألة تعدد شخصيات روح (هوروس) التي أسلفنا لك الحديث عنها. وأجاب الفريق الثاني إجابة مباينة لرأي الفريق الأول تمام المباينة فقرروا أن التفكير الحر هو الذي سبق إلى إنشاء نظريات فلسفية لم يجد الدين بداً من أن يتجه نحوها ويصبغها بلونه. وإليك بيان هذين المذهبين:

<<  <  ج:
ص:  >  >>