للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هكذا قال زرادشت]

للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه

ترجمة الأستاذ فليكس فارس

أحقاد

أفتقيمون للحق دليلا من اقتحام أحد الناس للهب في سبيل تعاليمه؟ وهل لمثل هذا التعليم ما للعقيدة التي تتولد متقدة من لهبها نفسه. إذا ما تلاقي رأس بارد بقلب مضطرم نشأت من التقائهما تلك العاصفة التي يدعوها الناس مخلصا. ولكم وجد على الأرض من رجل أعرق منشأ وأرفع مقاماً ممن يدعوهم الشعب مخلصين، وما كان هؤلاء المخلصون إلا عاصفات كاسحات تهب متوالية على الأرض

إذ ما كنتم تنشدون سبل الحرية، أيها الأخوة، فعليكم أن تنقذوا أنفسكم حتى ممن يفوقون هؤلاء المخلصين عظمة ومجداً. فإن الإنسان إنسان ألمانيا الكامل لم يظهر على الأرض بعد. لقد حدقت بأعظم رجل وبأحقر رجل عن كتب وهما عاريان فظهرا لعياني متشابهين، بل رأيت أعظمهما أشد توغلا في المعائب البشرية من الآخرين.

هكذا تكلم زارا. . .

الفضلاء

لا ينبه الشعور الغافل إلا الإرعاد والأبراق، وما تكلم الجمال إلا بنبرات هامسة لا تنفد إلا أشد الأرواح انتباهاً

أسمعتني عصمتي اليوم ضحكة تعالت فيها قهقهة الجمال السامية. فجمالي يسخر بكم، أيها الفضلاء، إذ سمعته يقول: - إنهم يطلبون لفضائلهم ثمناً.

إنكم تتقاضون ثمن فضيلتكم وتطالبون بالجزاء، أيها الفضلاء، طامحين إلى امتلاك أماكن في السماء، بدلا من أماكن في الأرض، والى الظفر بالأبدية بدلا من الدهر الزائل.

إنكم لتحقدون علي لأنني أعلم الناس أن ليس هنالك لا حسيب ولا مثيب، والحق أنني أمتنع عن القول بالثواب بل أذهب إلى أبعد من هذا فأقول أن ليس للفضيلة ما تجزي به نفسها جميل الجزاء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>