للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مع أبيه بيرو دافينشي إلى فلورنسا العاصمة، وتربى تربية علمية إلى أن التحق بالعمل عند اندريا فيروتشيو، واستمر لديه حتى سافر إلى روما في مارس سنة ١٤٨٠، وأقام فيها إلى يوليو سنة ١٤٨١ ثم عاد إلى فلورنسا.

على أن لوحات ليوناردو الأولى ليست معروفة كلها، وقد أحاط بها شيء من الغموض لا يمكننا من تناولها جميعها بالفحص الوصف. ولكن هذا لا يمنع من أن نذكر أهم لوحتين له في مرحلته الفنية الأولى، وكلتاهما تمثل (التبشير)، توجد الأولى باللوفر ومؤرخة سنة ١٤٧٠، والثانية بالجاليري أو في فيتزي بفلورنسا مؤرخة سنة ١٤٧٢، وفيها ترى العذراء جالسة إلى مدخل بيتها وعلى يسار اللوحة ركع ملاك يبشرها بالمسيح، وفي مؤخر المنظر مجموعة أشجار ذات لون طبيعي جميل.

وله أيضاً جزء من لوحة معلمه فيروتشيو (تعميد المسيح)، قام ليوناردو بتصوير الملاك عليها، وهي محفوظة بأكاديمي فلورنسا وصورة العذراء مع الطفل (متحف ميونيخ) ١٤٧٨، وقيامة المسيح مع القديس ليوناردو والقديسة لوتشيا (جاليري برلين) وصلاة الملوك الثلاثة للمسيح، وهي صورة لهيكل كنيسة عملت لوضع الفكرة والتصميم باللون الأسمر (جاليري الفاتيكان). ولعل آخر صورتين للمرحلة الأولى في خلقه الفني هما الصورتان المتشابهتان اسما وموضوعا (الماذونا في المغامرة)، الأولى من ناسيونال جاليري بلندن والثانية ش١ - باللوفر. والناظر إلى هذه اللوحة تأخذه لأول وهلة روعة القوة الإنسانية، وإحاطة ليوناردو بالمظاهر الطبيعية والتأثر بها؛ فالمغامرة الجميلة مجسمة صادقة المحاكاة، وأوراق الشجر حية دقيقة التفاصيل، هذا إلى جانب تصويره لطبقات الأرض على شاطئ الغدير فجعلها تحاكي النظرية الجيولوجية محاكاة علمية.

انظر إلى ركعة العذراء، وإلى الطهارة المتجلية في ملامح وجهها، ثم تأمل قوة الإخراج الرائعة لملابسها، وشاهد الظل والنور الذي تخلل انكسار هذه الملابس، ولاحظ الطريقة الفذة التي أخرج بها اليد اليسرى للعذراء وهي تشير للملاك، ثم تأمل إلى جانب هذا، الحنان الفائق الذي يتمثل في الكيفية التي أمسكت العذراء بها الطفل الجالس إلى يمينها.

وقف الملاك راكعا خلف المسيح الطفل يشير بيمناه إلى طفل آخر يصلي أمامه، والمتأمل لوجه الملاك لا يستطيع إلا أن يرى فيه سحرا يبعث في النفس كل معاني التقديس

<<  <  ج:
ص:  >  >>