للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السرير، وأراحت جسمها البض على فراشه اللين، وحدثت نفسها، وهي تحس أن جسمها يسترخي، أنها خليقة أن تحمد الله على التوفيق إلى العمل، في بيت كهذا، بعد الذي نزل بها، وإنها إذا كانت لا تنام على السرير فإن من بواعث سرورها أن يكون أمره موكولاً إليها، وأن يكون في وسعها أن تروح وتجيء في هذا البيت الحسن، وأن تكون في خدمة هذا السيد الكريم الوديع المهذب. . الحمد لله على كل حال،.

ولو أن سيدها رآها، وهي راقدة على سريره، وأخذت عينه هذا المنظر الفاتن، لكان الأرجح أن يقف مفتوح الفم من دهشة الإعجاب ولسحره؛ وسمره في مكانه، هذا الخط المتموج الذي بدأ من فخذها الأملس، ويرتقي ويستدير مع ردفها، ثم ينحدر في لين مع خصرها، ثم يعود فيرتفع حتى يبلغ الحلمة الحوة الناشزة من ثديها الراسخ. . وكان شعرها الذهبي مرسلاً، كأنه أمواج من النار على الوسادة. وأسندت نعيمة خدها الأسيل على الحرير الناعم، وتنهدت، وخطر لها أن حظها على كل حال خير مما كان يمكن أن يكون. . كل شئ هنا حسن (إلا حسن). . . فإنه دميم غليظ، وثقيل الدم بارده. وفظ شرس. . . ونظرته أعوذ بالله منها!. . . إنها لتتعلق بصدرها، فتحس أنها نفذت إلى ما تحت ثيابها، فكأنها واقفة أمامه عارية لا كاسية!. . . وما أكثر ما يلمس كتفها، وهو يحدثها، أو يدعوها إلى الوقوف،. . فتسري الرعدة في بدنها. . وأصابعه؟. . يا حفيظ!. . قصيرة، غليظة، مبططة!

وأغفت نعيمة، وهي تفكر في هذا وما إليه من مظاهر حياتها الجديدة، ثم انتفضت قائمة وفي يقينها أن بعضهم ينظر إليها. ولكنها لم تر في الغرفة أحداً، فلاشك أنها كانت تحلم أو لعل هذا ضميرها يزجرها عن الاجتراء والتسحب بهذه الطريقة

ووقفت نعيمة وأجالت عينها فيما حولها، فلمحت زجاجة عطر صغيرة، فقد كانت فيما مضى تتخذ مثلها، بل كان هذا هو العطر المفضل عندها. واضطربت يدها، وهي تتناول الزجاجة. وترفع عنها الغطاء. . وأدنتها من أنفها الجميل، لتشم، وتنعم بالأرج المفتر. . وإذا كان لا تسعها الآن أن تتعطر، فلا أقل من متعة الأنف. . وما البأس. . وأحست وهي تنشق العطر الخفيف بالحنين إلى الأيام السالفة. . وتفلتت الزجاجة من بين أصابعها فارتفعت كفها الرخصة، بسرعة، إلى فمها، لتكتم صرخة جزع حين رأت الزجاجة تهوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>