للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والحق أنكم حيث تشهدون انحداراً وسقوط أوراق من الأدواح، فهنالك تشهدون تضحية الحياة من أجل القوة.

لقد وجب علي أن أكون أنا الجهاد والمستقبل والهدف وأن أكون في الوقت نفسه الحائل الذي يعترضني في انطلاقتي إلى هدفي

لذلك لا يعرف الإنسان الطريق المتعرجة التي عليه أن يسلكها إذا هو لم يدرك حقيقة إرادتي.

مهما كان الشيء الذي أبدعه ولي ومهما بلغ حبي له فإن عليّ أن أنقلب له خصماً، وأتحول عن حبي وحناني، ذلك مل قضته إرادتي عليّ

وأنت، أنت يا من تطلب المعرفة ليس لك من سبيل غير سبيلي فعليك أن تقتفي أثر إرادتي، وما تقتفي إرادتي إلا آثار إرادة الحق

ما عثر على الحقيقة من قال بإرادة الحياة، لأن مثل هذه الإرادة لا وجود لها، وليس للعدم إرادة كما أن المتمتع بالحياة لا يمكنه أن يطلب الحياة

ولا إرادة إلا حيث تتجلى حياة، ومع هذا فإن ما أدعو إليه إن هو إلا إرادة القوة لا إرادة الحياة

أن هنالك أموراً كثيرة يراها الحي أرفع من الحياة نفسها، وما كان ليرى أشياء أفضل من الحياة، لو لم تكن هنالك إرادة القوة.

هذا ما علمتني إياه الحياة يوماً، وأنا بهذا التعليم أهتك أسرار قلبكم، أيها الحكماء، فأقول لكم: إنه ليس هنالك من خير دائم وشر دائم، لآن على الخير والشر كليهما أن يندفعا أبداً إلى التفوق والاعتلاء

وأنتم أيها الواضعون للقيم أقدارها بمقاييسكم وأوزانكم وبما تقولونه عن الخير والشر هل كان لكم أن تفعلوا هذا لو لم تكن لكم إرادة القوة؟ وما تطمحون في أعماق ضمائركم إلا إلى الشهرة والشعور بتأثركم وفيضان أرواحكم. ولكم تجهلون أن في الأمور التي تخضعونها لتقديركم قوة أعظم من تقديركم تنمو وتتفوق على ذاتها لتحطم غلافها وقشورها، فمن أراد أن يكون مبدعاً سواء أكان في الخير أو في الشر فعليه أن يبدأ بهدم ما سبق تقديره وبتحطيمه تحطيماً. وهكذا فأن أعظم الشر يبدو جزاء من أعظم الخير، ولكن هذا الخير لم

<<  <  ج:
ص:  >  >>