للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت: خُدِعْنا، إِنها الحرب خدعة ... وهوَّنَ خطبي أن أسْرَ الهوى خطبي

فقالت: إذا لم تنجُ نفسٌ من الردى ... فحسبك أن تهوى فقلت لها: حسبي

ولي العذر إمّا لامني فيكِ لائم ... فأكبر ذنبي أن حبَّك من ذنبي

ويا من سمعتم بالهوى، إنما الهوى ... دمٌ ودمٌ: ها ذاك يصبو وذا يُصْبى

متى أئتلفا ذَلاَّ وَدَلاَّ تَعَاشُقاً ... وإلا فما في رونق الحسن ما يَسبي

سَلوني أنبئْكم، فلم يدرِ ما الهوى ... سواي، ولا في الناس مثليَ من صَبّ

إذا شعراء الصّيد عُدُّوا فإنني ... لَشَاعرُ هذا الحسنِ في العُجْمٍ والعُرب

وإن أنا ناجيتُ القلوب تمايلتْ ... بها نسماتُ الشعر قلباً على قلب

وبي مَن إذا شاءتْ وصفتُ جمالهَا ... فوالله لا يبقَى فؤادٌ بلا حُب!!

من الغيد، أما دَلُّها فملاحةٌ ... وأما عذابي فهو من ريقها العذبِ

ولم يُبقِ منها عُجْبُها غيرَ خطرةٍ ... ولا هي أبقتْ للحسان مَن العُجب

عرضْتُ لها بين التذلُّل والرضا ... وقد وقفتْ بين التدلُّل والعَتْب

وأبصرتُ أمثال الدُّمَى يكتنفها ... فقلت: أهذي الشُّهب أم شبه الشهب؟

فما زال يَهدي ناظري نورُ وجهِها ... كما نظر المَلاَّحُ في نجمة القطب

وقد رُحْنَ أسراباً وخِفْتُ وشاتَها ... فعيني في سرب وقلبيَ في سرب

وقالت: تجلَّدْ. قلت: يا ميَّ سائلي ... عن الحزن يعقوبا ويوسفَ في الجب

وما إن أرى الأحباب إلا ودائعاً ... تُرَدُّ، فإما بالرضاء أو الغصب.!

سنة ١٩٠٢

مصطفى صادق الرافعي

<<  <  ج:
ص:  >  >>