للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لتمزق جسمه وتأكل منه ما تشاء، ثم يوارى الباقي في التراب. وقد تطورت هذه العقيدة فيما بعد فتحولت إلى عقيدة عرض الأموات في برج السكوت. ومن المحتمل أيضاً أن يكون الهنود الذين لا يزالون يعرضون جثث موتاهم لتمزيق الوحوش قد تأثروا بهذه الشعيرة.

وعندهم أيضاً أن الشعر والأظافر بعد فصلها من الأجسام الحية تصبح مدنسة، وكذلك النَّفَسُ البشري مدنس؛ ومن عقائدهم كذلك أن الجثة البشرية قد تطهر إذا قطعت ومزقت أجزاؤها ثم مر أحد الناس بهيئة خاصة من بين هذه الأجزاء.

وعندهم أن زواج الأمهات والأخوات والبنات ليس مباحاً فحسب، بل إنه مستحب وموصى به، أما الزنى فهو عندهم جريمة كبرى.

لم تمنع عبادة العناصر الفرس من اتخاذ آلهة أخرى لكل واحد منها اختصاص محدد مثل (أناهيتا) إلهة الماء والخصوبة التي صوروها بعدة أشكال وبدلوا اختصاصاتها كثيراً والتي يظن بعض الباحثين أنها أثر من (إيستار) إلهة (بابل) القديمة لا سيما وإن شمال بلاد الفرس كان خاضعاً لاستعمار البابليين في ذلك العهد.

كان بعض الشعب يعتقد أن (هاومو) - وهو اسم لشراب كحولي - هو اسم لشخصية بين الآلهة والبشر والبعض الآخر يعتقد أنه يجب أن يعبد، وقد عبدوا هذا الشراب بالفعل، ووضعوا عدة أناشيد، للتغني باسمه. وقد صرح الأستاذ (دينيس سواريه) بأنه لا مانع عنده من أن يكون لهذه الأناشيد التي تغنى بها الفرس القدماء في عبادة الخمر أثر على رباعيات عمر الخيام التي جاءت بعد ذلك ببضعة عشر قرناً.

هذا كله خاص بعقيدة العامة وجماهير الشعب؛ أما الخاصة فقد كانت لهم عقيدة أرقى من هذه العقيدة على نحو ما كانت الحال عند المصريين القدماء، إذ تحدثنا آثار ملكية وجدت في مدينتي (سوز) و (بيرسيبوليس) أن كثيراً من الملوك كانوا يؤمنون بالإلهين: (ميترا) و (أناهيتا) وغيرهما من آلهة الشعب، ولكنهم كانوا يضعون على رأس هذه الآلهة جميعاً الإله (أهورا مازدا) الذي سنتحدث عنه في ديانة (زرادشت)، ومما يلفت النظر في عقيدة الخاصة هو أن هذا الإله الرئيس كان عندهم غير مرئي وأن النار لم تكن إلا رمزاً له فحسب، وأنه لم يكن له معبد خاص، وإنما كانت جميع بقاع الأرض معبداً له.

<<  <  ج:
ص:  >  >>