للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفلسفة الشرقية]

بحوث تحليلية

بقلم الدكتور محمد غلاب

أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين

- ٢٠ -

الديانة الفارسية

مصير العالم

يحدثنا قسم (الجاتها) أن نهاية العالم موقوتة بموت (زرادشت) وأن (أهوارا) أراد أن يختم به هذه الحياة الدنيا، وهو لهذا يدفعه في حماسة إلى تأدية رسالته بأسرع ما يستطاع ويأمره أن يصدع بأوامر ربه وأن يعلن أنه سيتقدم بعد موته إلى القضاة الثلاثة الواقفين على الميزان أمام باب الصراط، ليؤدي الحساب عن نفسه والشهادة عن جميع أتباعه الذين سيتحقق فناؤهم على أثر موته.

غير أن الكون ظل بعد (زرادشت) سائراً في طريقه كما كان في حياته وقبل وجوده، ولم يمت الأنصار ولا الخصوم، ولم ينته العالم. فلما رأى رجال الدين الألسنة الحداد بدأت تتجه إليهم من جانب خصومهم، أرادوا أن يتحللوا من هذه الورطة التي أوقعهم فيها نبيهم الساذج، فأضافوا إلى الكتاب المقدس آيات جديدة تحوي تأويلات للآيات القديمة وتصرح بأن جميع الزمن المحدد للكون هو أثنا عشر ألف سنة مضت منها ثلاثة آلاف سنة في خلق العالم الروحاني، وثلاثة آلاف في إنشاء العالم المادي، وثلاثة آلاف فصلت بين وجود بني الإنسان ووجود (زرادشت)؛ وثلاثة آلاف بين عصر (زرادشت) ونهاية الحياة الدنيا. أما التصريح الجازم في الجزء القديم بأن نهاية العالم ستكون عند نهاية حياة (زرادشت) فقد عرفوا كيف يتخلصون منه بلباقة لا بأس بها حيث أعلنوا أن (زرادشت) لم يمت كما رأى الناس في الظاهر، وإنما نزلت بذرته الخصبة في البحيرة المقدسة، وستظل فيها تغدو وتروح حتى قبيل نهاية العالم، فإذا حان هذا الوقت المضروب نزلت إلى هذه البحيرة فتاة

<<  <  ج:
ص:  >  >>