للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هكذا قال زرادشت]

للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه

ترجمة الأستاذ فليكس فارس

أعمق الساعات صمتاً

ماذا جرى لي يا صحابي؟ لقد سادني الاضطراب فأضعت هداي وأراني مندفعاً بالرغم مني إلى الرحيل والابتعاد عنكم وآسفاه

أجل، على زارا أن يعود إلى عزلته، غير أن الدب يرجع إلى مغارته كئيباً حزيناً. ماذا جرى لي ومن ترى يضطرني إلى الرحيل؟

إنها (هي) مولاتي الغاضبة، لقد كلمتني فأعلنت لي إرادتها وما كنت ذكرت لكم اسمها حتى اليوم، هي أعمق ساعاتي صمتاً وهي نفسها مولاتي القاهرة، كلمتني أمس

وسأقص عليكم ما جرى فلا أخفي عنكم شيئاً كيلا يقسو قلبكم علي وأنا أفاجئكم برحيلي عنكم

أتعلمون ما هي خشية من يستسلم للكرى؟ إنه الذعر يستولي على الإنسان من رأسه إلى أخمص قدميه، لأن أحلامه لا تبتدئ ما لم تنسحب الأرض من تحته

إنني أضرب لكم أمثالا، فأصغوا إلي:

أمس عند أعمق الساعات صمتاً خلت الأرض من تحتي وبدأت أحلامي

وكان العقرب يدب على ساعة حياتي في خفقانها، وما كنت سمعت من قبل مثل هذا السكوت يسود حولي ويروع قلبي

وسمعتها (هي) تقول لي، ولا صوت لها: إنك تعرف هذا يا زارا

فصحت مذعوراً عند سماعي هذه النجوى وتصاعد الدم إلى رأسي

فعادت هي تقول، ولا صوت لها: أنت تعرف هذا يا زارا ولكنك لا تعلنه

فانتفضت وأجبت بلهجة المتحدي: - أجل أنني أعرف هذا ولكنني لا أريد أن أعلن ما أعرف

فقالت (هي) ولا صوت لها: أصحيح أنك لا تريد؟ لا تخف نفسك وراء هذا التحدي يا زارا

<<  <  ج:
ص:  >  >>