للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

واصطبغت لمجالدتهم بالصبغة السياسية، فقد ناهض الطهريون الملوك مناهضة عنيفة، وأنكروا عليهم حقهم الإلهي في السيادة والسلطة، وانتزعوا لفظه من أفواههم بعد أن كانوا يتشدقون بمضغه تشدق من يمضغ لقمة دسمة. وما انتصار النظام الدستوري في إنكلترا وانهيار دعائم الملكية إلا رمزاً لانتصار المبادئ الديمقراطية على الأرستقراطية، بل صورة لانتصار الطهريين على جميع منافسيهم، ذلك الانتصار الذي أملى على ملتون ملحمته الشهيرة المعروفة بالفردوس المفقود، وهي صورة حية لما كان عليه الدين إذ ذاك من التبلبل والانقسام، تطلعنا على مدى ما وصل إليه الطهريون في جهادهم لتدعيم أسس حرية الشعب الدينية والسياسية تلك الحرية التي أنجبت أمثال دن، وبنيان، وملتون

ومن كتابات ملتون السياسية رسالته المعروفة: وقد كتبها عام ١٦٤٩ دفاعاً عن إعدام الملك - ذلك الإعدام الشنيع الذي صوره فيما بعد بصورة ترتعد منها الفرائص وتقشعر لها الأبدان في كراسته المعروفة

وإذ كان ملتون ظهيراً لكرمويل ومساعداً له ضد الملكية الظالمة، فقد عينه هذا بعد تسنمه سدة الحكم بمدة وجيزة - أي عام ١٦٤٩ - ترجماناً له في قسم السكرتارية اللاتينية، وكان عمله ترجمة جميع الدواوين والرسائل إلى اللغة اللاتينية، إذ كانت اللاتينية إذ ذاك هي اللغة السياسية الوحيدة المتفق عليها بين جميع دول أوربا

(يتبع)

خليل جمعة الطوال

<<  <  ج:
ص:  >  >>