للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي يبلغ بها مناه، بدت له حقائق أسقطت في يده، وجعلته يتخاذل، ويندم على الوعد الذي وعد عمه؛ غير أنه ذكر ما قال له أستاذه شيرون من ضرورة احترام الوعد، وربطه بالشرف، فصمم على السفر إلى كولخيس وجلس يفكر فوق عدوة النهر، وكانت سمادير اليأس تملأ بظلماتها عينيه، فلم يهتد إلى الوسيلة!!. . . وانطلق إلى غرفته فقضى فيها ليلة ليلاء مثقلة بالهم والفكر. . . ثم انبلج الصبح، فانطلق إلى هيكل جونو عند دودونا. . .

- جونو. . . جونو. . . لقد كدت أنسى جونو. . . يجب أن أصلي لجونو، فقد وعدتني أن تدركني بغوثها كلما حزبني أمر. . . لقد حملتها على كتفي هذين في صورة عجوز شمطاء! وهي ستحمل عني هذه المرة!)

ووقف بجانب المذبح يرجو ويتوسل ويصلي؛ وكانت سنديانة هائلة - هي الناطقة بنبوءات جونو - نامية وراء المذبح، فسمعها جاسون تهتف باسمه وتقول:

- لبيك أيها الفتى لبيك! لبيك وسَعْدَيك يا جاسون! يا حبيب جونو لبيك! كفكف غوارب دمعك فسترعاك الربة وتحفظك. . . تعال! اصعد فوقي! اقطع أحد أغصاني واصنع منه عصاً، واجعل لها رأساً على هيئة السفينة التي تحملك إلى كولخيس وسيبنيها آرْجس لك، وذلك بإشراف مينرفا. . . ولتكن العصا معك دائماً، ولكن لا تنقلها من السفينة فهي حارستها، وكلما ألم بك خطب أو حز بك أمر، فارجع إليها فهي تكلمك وتشير عليك. . .) وسكتت السنديانة، وصنع جاسون العصا، وذهب عند سيف البحر ليرى عمال آرجس، بإشراف مينرفا، قد فرغوا من السفينة الهائلة وأنزلوها الماء. ففرح واستبشر، وسماها (آرجو) نسبة إلى صانعها ثم أعلن عن حاجته إلى نفر من شجعان هيلاس، يقاسمونه مجازفته، فاجتمع إليه عدد غير قليل، منهم هرقل الجبار وكاستور وأدمتوس وتيزيوس وأرفيوس وبولكس ويليوس. . . وأعدوا ميرتهم، واستكثروا من ذخيرتهم، ثم همت الفلك، واحتواها الماء

(البقية في العدد الآتي)

دريني خشبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>