للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كشف عنه من غُمة هذا البلاء ثم حملوه وهم يهتفون باسمه أحر الهتاف، وأهرعت الجموع الزاخرة في آثارهم نحو البحر، وهي تفتأ تردد صيحات الإغريق، حتى خاف الملك على عرشه أن يثله شعبه، وأن يجلس عليه جاسون. . لذلك اربد وجهه، وانتشرت عليه سحابة من الكآبة والهم تملأ أساريره

وبلغ الإغريق سفينتهم فشكروا للكولخيين جميل ما حيوا به بطلهم. . . ثم خَلَوْا بعد ذلك إلى جاسون فنضوا عنه ثيابه، وضمخوه بالطيوب والعطور، ثم هيأوا له طعاماً وشراباً، من أفخر ما يقتنون. . وفي الليل أسر إليهم بسره، وانطلق ليلقي ميديا

ولقيته ابنة الملك بابتسامة لم يجزها عليها بمثلها. . . ثم تركها وقتاً غير قليل تغمره بُقُبَلها وتنضح يديه وخديه وجبينه بدموعها وتعبر له عما كان يقيمها ويقعدها حينما انبرى لِعجليْ فلكان، وحين أحدق به أبالسة التنين يقاتلونه ويتكاثرون عليه، وهو صابر لهم، صامد لجموعهم، حتى قذف الحجر فانقذفت في قلوبهم المنايا

- أرأيت إذن يا حبيبي ما صنع الحجر الأسود من السحر أيقدر على مثل ذلك غير من أوتي من العلم ما أوتيت؟

- كلا!

- ما لك لا تتكلم يا جاسون؟

- الفروة الذهبية! أريد أن أفرغ من هذا الهم الطويل؟!

- الفروة الذهبية لك من غير ما ريب، فلا تبتئس! قبّلْني!

وطبع على ثغرها قبلة مَيّتَةً كانت ترتجف من شياطين السحر التي ترقص دائماً في فم ميديا. . . وانطلقا إلى الجانب القصي من الغابة المجاورة، حيث كان التنين الهائل يحرس الفروة المعلقة على شجرة السنديان، وهناك، فتح جاسون العلبة الذهبية ثم اقترب من التنين في غفلة منه، وقذف في وجهه بما كان فيها من قطرات السحر. . . فترنح الوحش المخيف الرائع؛ واستل جاسون جُرَازه، وأغمده في صدر الأفعوان الكريه، فخر يتلبط في دم غزير. . . وانقض الفتى على الفروة الثمينة التي ترجح ألف كنز فانتزعها من الشجرة. . . وعادا عجليْن إلى القصر الملكي الرهيب، حيث كانت وصيفاتها في انتظارها، وقد جمعن كل ما استطعن حمله من أذخار القصر، كما رسمت لهن ميديا من قبل وحين أوشك الجميع أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>