للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(وكان لا يلبس إلا ما يحل كالكتان والقطن والصوف) ويقول في موضع آخر بمناسبة موت الأمير جمال الدين ايدغدي العزيز: (وكان مقتصداً على ملبسه يلبس الثياب القطن من الهندي والبعلبكي وغيره مما يباح ولا يكره لبسه) (راجع: , ٥٦ , ٥٨).

والحرير مباح للنساء محرم على الرجال إلا أن يتخذوا منه حاشية لثيابهم لا يتجاوز عرضها أربعة أصابع فذلك جائز لهم؛ ويرى البعض ألا تتجاوز إصبعيين؛ أما المالكية فيرون ألا يبلغ عرضها عرض إصبع واحد. وقد نهى النبي (ص) نهياً مشدداً عن الملابس الحريرية فقال: (من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة) وقال: (إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة) ويجيز الحنفية للرجال أن يلبسوا ثياباً سداها من الحرير ولحمتها من غيره، وأما عكس هذا، أي أن تكون اللحمة من الحرير والسدى من غيره فلا يحل إلا في الحرب. ولا يتفق المالكية فيما بينهم في جواز لبس القماش المسمى بالخز، وهو ما سداه حرير ولحمته صوف، ولكن الأكثرين على منعه.

والأكثر استحباباً من الألوان الأبيض والأسود؛ أما الأبيض فلقول الرسول (ص): (إن الله يحب الثياب البيض وإنه خلق الجنة بيضاء).

ويقول مؤرخ أفريقي وهو يمدح عبد الرحمن الأول أول ملوك الأندلس: (كان يلبس البياض ويعتم به)، وأما الأسود فلأن محمداً (ص) كان يلبس يوم فتح مكة جبة سوداء وعمامة سوداء كذلك. أما الشيعة فعلى العكس من ذلك يحرمون السواد، إذ نقرأ في رحلات شردان ما يأتي:

(ولا يلبس الأسود في الشرق ولا سيما في فارس لأنه لون مشئوم بغيض لا يمكن النظر إليه، ويسمونه لون الشيطان) أما اللونان الأحمر والأصفر فمكروهان من غير أن نعرف سبب كراهيتهما؛ غير أني أفرض أن الأصفر مكروه لأنه لون البغض، والأحمر لأنه لون الدم. ومع هذا فكثيراً ما يلبس المسلمون ثياباً حمراء وصفراء. ويقول أبن جني والواحدي: إن الفتيات يلبسن عادة ملابس حمراء. أما الملابس الخضراء فلا يلبسها إلا أشراف سلالة الرسول (ص).

ويظهر أنه ليس بين الحنفية والمالكية والشافعية كبير خلاف في فصل الملابس، ولكن يظهر أن مذهب أبن حنبل، وهو أكثر المذاهب تشدداً، قد أبعد في التشدد في هذه المسألة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>